Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لا جديد ..

* تمنيتُ بكلِّ الإخلاص والولاء لأمة العرب أن يخرج بيان قمة سرت العربية الأخير بشيء مفيد للعقل العربي، ومحفز للذهنية المجتمعية في طول الفضاء العربي وعرضه، ولكن وكما هي الخيبات العربية المتكررة، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، ومنذ أيام وعد بلفور المشؤوم، لم أجد جديدًا في البيان، ولم تقع عيني على مفردة مفرحة منه.

A A
* تمنيتُ بكلِّ الإخلاص والولاء لأمة العرب أن يخرج بيان قمة سرت العربية الأخير بشيء مفيد للعقل العربي، ومحفز للذهنية المجتمعية في طول الفضاء العربي وعرضه، ولكن وكما هي الخيبات العربية المتكررة، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، ومنذ أيام وعد بلفور المشؤوم، لم أجد جديدًا في البيان، ولم تقع عيني على مفردة مفرحة منه.* مرة أخرى قد يظن البعض أن هذا تشاؤمًا، أو نظرة قاتمة للوضع العربي، فأقول مؤكدًا للمرة الثانية بعد مقالي الاثنين الماضي إنني من المتفائلين دومًا، ومن الذين ينظرون إلى نصف الكوب المليء، ولكن ليدلنا أحدكم على شيء يبعث على التفاؤل، أو إلى نصف الكوب المليء في القمم العربية!.* بيان سرت كمؤشر حيادي بين رؤيتي، وما قد يراه البعض جلد ذات، هو في حد ذاته تأكيد على ما أقول، فمفردات البيان لم تخرج من الديباجات السابقة لكل القمم العربية، منذ أول أيام انعقادها، ولم تحمل في طياتها سوى أحلام وخيالات هي واقع فوق الورق، لا في حقيقة الفضاء العربي بعمومه السماوي والأرضي.* فالبيان على سبيل المثال يعلن «تمسّك القادة العرب بالتضامن العربي» ونحن نشاهد في واقع حياتنا اليومي المعاش أن هكذا وصف غير موجود إطلاقًا، بل إن التشظّي والخلافات والنزاعات منتشرة انتشار النار في الهشيم، ليس فقط بين دول عربية بعضها البعض، بل أصبح سمة في طبيعة العلاقة بين الأشقاء والأخوة، كما هو حادث في فلسطين بين حماس وفتح، وكما هو حادث في الصومال، والعراق، والسودان.* والمؤسف أن الصراع العربي – العربي والفلسطيني – الفلسطيني فاق في حدّته نزاع العرب مع غيرهم، حين وصل إلى تكسير العظام، كما تباهى ذات يوم أحد قادة الخلاف، وزعماء السلطة! فهل التضامن العربي الذي تعهد بإحلاله القادة العرب في قمة سرت له تفسير غير ما نعرفه، وهو ما يعني بكل بساطة الائتلاف، والتآزر، والتعاون؟!* كما أن البيان في ديباجته المعهودة يكرر قضايا لم نشاهد كأبناء الأمة تحقيقًا لها، أو حتّى توافقًا في حدّها الأدنى.. من ذلك تكريس لغة الحوار بين الدول العربية، وتحديث الجامعة العربية، فالمسيرة العربية القُطرية، أو الوطنية منذ أن بدأت تتشكّل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وهكذا خطابات تتكرر بتوالي أيامها دون أية نتائج ملموسة، فاللغة السائدة في الخطابات العربية، خاصة الثنائية، لغة تهديد ووعيد، وتدخل في هذا الشأن الخاص أو ذاك، وخير مثال واقع العراق الحالي، والصراع الفلسطيني - الفلسطيني.كما أن مسألة تحديث الجامعة العربية يتكرر بتكرر القمم، وأبناء العرب يتطلّعون متوقعين حدوث شيء فعلي، يرون فيه جامعتهم وقد نفضت غبار الأستاتيكية إلى الحركة المؤثرة، مثلها مثل كل الهيئات الإقليمية والدولية المؤثرة، ولكن ما هو واقع ومعاش يقول بغير ذلك إطلاقًا، رغم أن قممًا عربية سابقة أقرت تحديث الجامعة، وتعديل بعض بنودها.* ولن أكون متشائمًا إطلاقًا بقولي إنني وبكل الولاء والانتماء لأمة العرب لم أجد ما يشفي الغليل، ويروي الظمأ في بيان قمة سرت ليس لأن تطلعاتي وآمالي كانت كبيرة فيما ستتمخض عنه القمة، ولكن لأن البيان الصادر عن القمة استخدم ذات الديباجات السابقة، وكرر ذات اللغة الميتة، وأخشى ما أخشاه أن يساهم ذلك في تعميق الجراح العربية، والقضاء النهائي على أية آمال بالإصلاح في الفضاءات العربية القائمة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store