Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بريطانيا تحرم إسرائيل من العشاء!

لأمر يريده الله، تورطت دويلة البغي والعدوان وشرذمة شذاذ الآفاق في فعلة اتسمت بالغباء المفرط، أو قل بالغطرسة البالغة، حين اقدمت على تصفية أحد اعدائها بطريقة همجية ليست جديدة في همجيتها بقدر ما هي جديدة في أساليبها التي استهانت بالعالم كله، ووضعت هيبة دول عظمى وسيادتها في الميزان، حين استخدمت في عملية اغتيال المبحوح وثائق رسمية

A A
لأمر يريده الله، تورطت دويلة البغي والعدوان وشرذمة شذاذ الآفاق في فعلة اتسمت بالغباء المفرط، أو قل بالغطرسة البالغة، حين اقدمت على تصفية أحد اعدائها بطريقة همجية ليست جديدة في همجيتها بقدر ما هي جديدة في أساليبها التي استهانت بالعالم كله، ووضعت هيبة دول عظمى وسيادتها في الميزان، حين استخدمت في عملية اغتيال المبحوح وثائق رسمية لها حساسيتها البالغة دون أي اكتراث أو استشعار للذنب.. وبعض هذه الوثائق يؤول إلى دولة عظمى كان لها الدور الابرز، بل ربما الدور الاوحد في قيام هذه الدويلة على أراضي الغير، وتحقيق الحلم اليهودي الذي لم يتحقق في آلاف السنين في العودة إلى أرض الميعاد المزعومة، تلك الدولة هي بريطانيا العظمى كما تسمّى، التي اهتزت عظمتها ولا شك حين استهترت عصابات صهيونية بها، وعبثت بجوازات سفر تمثل تاجها وعرشها، وكعادة اليهود على مدى آلاف السنين، عضّوا اليد التي أكرمتهم، وجزوا صاحبها جزاء سنمار، وليس ذلكم فحسب، بل أقدم شرذمة من سياسييهم البارزين على وسم البريطانيين بالكلاب جهارًا نهارًا، وما كان من بريطانيا العظمى إلاّ أن قابلت كل تلك الإهانات البالغات والسيئات المروّعات بردة فعل عجيبة لم ترد شيئًا من كرامتها المهدرة، وماء وجهها المسكوب، حين اكتفت بطرد دبلوماسي واحد من السفارة الإسرائيلية في لندن، وذكّرني ذلك بنكتة إنجليزية تقول: إن أسدًا افترس أحد العاملين في حديقة الحيوان، فلما بلغ ذلك مدير الحديقة قال: “سأعاقبه بحرمانه من العشاء الليلة”. وهكذا حرمت بريطانيا إسرائيل من وجبة عشاء و:So what، كما يقول الإنجليز، فسيبُدل بالدبلوماسي آخر قريبًا، ولم تُرد إسرائيل أن تُقدم على خطوة غير ذات قيمة كهذه، فأعلنت عن انها لن تقابل ذلك بطرد دبلوماسي بريطاني، وليس الأمر كما فسّره البعض: إقرارًا بالذنب، بل كما فسّره آخرون من العارفين بالسياسة الإسرائيلية بأن إسرائيل سترد على الصفعة بصفعتين، وستبتز الحكومة البريطانية بشكل سافر، بعد أن تجرأت على إسرائيل، ولو بحرمانها من العشاء! ولن يختلف الأمر كثيرًا مع فرنسا، أو سواها من الدول التي مرّغت إسرائيل بعزتها التراب؛ لتثبت للعالم كله أنها تحكم العالم، كما كتبت لمرات ومرات: (إن إسرائيل تحكم أمريكا، وأمريكا تحكم العالم)، والدلائل على ذلك أكثر من أن تُحصى، ولا أدل على هذه الحقيقة من أن أمريكا إن تجرأت وأقدمت على التفوّه بعبارات قليلة تُدين فيها بعض جرائم دويلة البغي والعدوان، فإنها سرعان ما تتراجع عنها وتندم على ما فعلت، وتؤكد بصراحة تامة التزامها بأمن إسرائيل وحقها في الوجود، كما تؤكد على أهمية وتأريخية العلاقات بين أمريكا وإسرائيل، لذلك ما كان أمام رئيس وزراء العدو إلاّ أن يصرح باستمرار بناء المستوطنات، وعدم ربطها بالمفاوضات بما في ذلك مستوطنات القدس الشرقية، غير آبهٍ بما جاء على لسان هيلاري كلينتون من انتقاد لإسرائيل، وهو يعلم علم اليقين أنه للاستهلاك المحلي، ويبدو أن كل ما أكد عليه أوباما منذ بداية توليه زمام الرئاسة من عزمه على إزالة كل اللوبيات ومجموعات الضغط، والحد من تأثيرها على القرار الأمريكي سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو عسكريًّا، يبدو أن ذلك كله قد ذهب أدراج الرياح، فقد نجح أوباما في تمرير مشروعه للتأمين الصحي، ولكنه لم ينجح في إحداث أي تغيير ولو يسيرًا في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، ولكن هل ستدوم هذه الحال؟ يبدو أن بصيصًا من نور بتنا نراه في حِراك شعبي داخل أمريكا نفسها، حين شهدنا تظاهرات عارمة للأمريكيين تطالب بوقف الدعم لإسرائيل، والحد من إهدار أموال دافعي الضرائب بإنفاقها على عصابات تقتل الأطفال والنساء، وتحتل أراضي الغير، وما كان ذلك ليحدث إلاّ لُمامًا، كما بدأت دول أوروبا تصحو من غفلتها لتفكّر في حقيقة العداء للسامية، هذه الكذبة التي عاشت في بلبالها عشرات السنين، إن الفرصة مواتية اليوم أكثر من أي وقت مضى للعرب والمسلمين لاستغلال هذه السقطات الإسرائيلية، ويستعملوا كل ما في أيديهم من أوراق الضغط على أوروبا وأمريكا، والرهان هذه المرة هو على المسجد الأقصى.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store