ليلة جميلة في جدة

في أمسية رمضانية جميلة نظم الصديق المتحرك النشط الدكتور أحمد العرفج جولة على الأقدام في قلب تراث مدينة جدة القديمة ومنطقتها التراثية الجميلة مع شرح وافٍ وجميل لعالم نظم المعلومات وخريج الرياضيات وعاشق التاريخ الأستاذ الدكتور عدنان اليافي بحضور مجموعة من المهتمين بالتاريخ والتراث وعبق الماضي وأصالته .وبدأنا التجمع في ميدان البيعة ثم بدأنا الجولة مع شرح مفصل وممتع للدكتور اليافي عن الأحياء والشوارع والممرات والبيوت القديمة .وربط ذلك بتاريخ جدة وبالذات في صدر الإسلام بداية بعصر الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه .ووصلنا إلى الجامع ومئذنته التي تعد أقدم بناية في جدة يصل تاريخ بنائها إلى 800سنة تقريبا .ودخلنا لحارة الشام والمظلوم وقابلنا بأريحية العمدة المثقف الأستاذ ملاك باعيسى الذي شرح لنا عن هذه المنطقة وحاجتها للاهتمام أكثر حيث زارها وفد من اليونسكو لكي تسجل كمنطقة تاريخية للحفظ والعناية إلا أن بعض ما اشترطوه لم ينفذ مع قرب زيارة الوفد مرة أخرى . ويقول الدكتور العرفج أن هذه المنطقة التراثية هي الوحيدة الباقية في مدن المملكة حيث هدمت أوسقطت المناطق التراثية في بقية مدن المملكة .واهتمت بعض الأسر بترميم بعض بيوتها وتحويلها إلى متاحف لكنها مغلقة ولا يقوم أحد برعايتها وفتحها للجمهور .ومن أشهر هذه البيوت بيت باعشن وجمجوم وباخريبة والبترجي وجمجوم وغيرهم .أما بيت نصيف فقد تم اقتناؤه من الأمانة وشاهدنا محلات ومقاهي تشهد إقبالاً جميلاً .كما شاهدنا الأربطة التي تشهد بتكافل المجتمع حيث يتم الاهتمام بالأسر الفقيرة والأرامل والمحتاجين ولكنها مهجورة وبعضها أصبح من شئون الأوقاف التي لا تقوم بواجبها وتعاني البيوت من الإهمال.وشرح لنا الدكتور اليافي عن سور جدة وعن مساحتها آنذاك إذ قال إن مساحتها مليون متر مربع يسكنها سبعون ألف نسمة .وشهدت جدة نهضة عمرانية عظيمة في العهد السعودي الزاهر إذ تعد حاليا من أجمل المدن في العالم العربي .ومررنا بمخبز الصعيدي وهو مخبز قديم ولكنه يعمل وهو له شهرته التاريخية عندما أمر الملك عبدالعزيز موحد هذا الوطن العظيم رحمه الله بتوزيع الخبز مجاناً من هذا المخبز على المحتاجين من أهالي جدة .كما دخلنا بيوتاً جميلة أعتنى بها أصحابها وتركوها مفتوحة للزوار وشاهدنا تقسيم البيت القديم ونظام البناء الجميل .وأعجبت بالأسواق التي يجب المحافظة عليها وساعدني في الشرح عن هذه الأسواق الأستاذ محمود صباغ وهو شاب طموح محب لتراث جدة وعاشق لها ساعده أنه أحد خريجي جامعة كولمبيا العريقة في الإعلام .وكان للمخرج المبدع فيصل يماني تعليقاته الجميلة على القيمة الفنية لجدة القديمة .وعرفت من الدكتور أحمد الذي رتب هذه الجولة بأن تكون رمضانية وفي إجازة نهاية الأسبوع وهناك نية لتكرارها على مدار العام .وأدعو أبناء هذا الوطن بزيارة جدة القديمة والاستمتاع برواشينها وأجوائها الجميلة والأكل التراثي اللذيذ وسعدت حينما علمت أن هناك من يجتهد في ترتيب زيارة للسياح ولكنها تحتاج إلى اهتمام أكثر .وأدعو المهتمين لقراءة كتب الدكتورعدنان اليافي جدة في صدر الإسلام وجدة في شذرات الغزاوي وغيرها فهي مفيدة وممتعة .