Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل يسترشد دعاة الفضائيات بتجربة السميط؟

لُمت نفسي كثيراً لأني لم أسمع عن الداعية الدكتور عبدالرحمن السميط إلا قبل سنوات، وتحديداً بعد نيله جائزة الملك فيصل المرموقة لخدمة الإسلام عام 1996م، ولم أقرأ عنه بتمعن -مثل كثيرين جداً غيري- إلا قبل

A A
لُمت نفسي كثيراً لأني لم أسمع عن الداعية الدكتور عبدالرحمن السميط إلا قبل سنوات، وتحديداً بعد نيله جائزة الملك فيصل المرموقة لخدمة الإسلام عام 1996م، ولم أقرأ عنه بتمعن -مثل كثيرين جداً غيري- إلا قبل أشهر معدودة. وازدادت ملامتي لنفسي تلك حين تنبّهت إلى أني قرأت وسمعت عن الأم تيريزا التي نالت جائزة نوبل للسلام عام 1979م أكثر بكثير مما قرأت وسمعت عنه.
ربما هو تقصير مني ومن غيري، أو هو تقصير من إعلامنا، أو ربما أنها عظمة شخصية هذا الرجل الذي اختار أن يعمل في سبيل الله بصدق وإخلاص بعيداً عن الشهرة والأضواء.
إن ما قام به الدكتور السميط من أعمال إنسانية في القارة الإفريقية لا يقل بحال عما قامت به الأم تيريزا من أعمال جليلة في مساعدة الأطفال المشردين والعجزة والمجذومين في القارة الهندية، ولو أنه لقي بعضاً من الدعم لاستحق الترشيح لجائزة نوبل هو أيضا.
ترك السميط حياة الرفاهية والراحة في بلده الكويت، واختار العيش في أدغال إفريقيا لأكثر من ثلاثين سنة متواصلة، تعرّض خلالها لكل أنواع المخاطر؛ من محاولات القتل إلى الإعياء والمرض ومواجهة الأفاعي ولدغات البعوض. شاهدته قبل أيام في لقاء تلفزيوني يقول فيه: إنه اهتم بحفر الآبار وتمهيد الطرق وإقامة المشاريع التنموية التي يستفيد منها الجميع، بغض النظر عن دياناتهم.. وهكذا وبطيب المعاملة وحسن القدوة والإخلاص في العمل لله أسلم على يده أكثر من 11 مليون شخص.
الداعية الدكتور السميط لم يلهث خلف الفضائيات والبحث عن أعداد المتابعين ورغباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي.. لم يجمع الملايين من المتاجرة بالدين وعقود الإعلانات على وسائل الاتصال ورسائلها، بل إنه تبرع بقيمة جائزة الملك فيصل وقدرها 750 ألف ريال لأعمال البر في إفريقيا.. لم يكن يوماً داعياً إلى طائفية أو تحريض أو انتقاص لطفل أو امرأة.. لم يُحرِّض الشباب ويُرسلهم للجهاد في مناطق الحروب والاقتتال، ويرسل أبناءه للدراسة في جامعات الغرب.. اختار الدعوة الميدانية في سبيل الله في أفقر بقاع الأرض بالقارة الإفريقية، ولم ينتق بدعوى الجهاد دولا بعينها دون سواها.. كان ينام مع الأيتام ويرفض النزول في الفنادق.. لم يتدخل رحمه الله في الشؤون السياسية لأي بلد، ولم ينتم سراً أو علناً لأي حزب أو جماعة سياسية. باختصار كان همه الأوحد هو الدعوة لله وكسب رضاه، فحبب بذلك الناس في دين الإسلام وأدخلهم فيه بالملايين، ولم ينفر أحداً منه بتشدد أو تطرف أو فتاوى عجيبة. خدم الإسلام وقدم له وحده أضعاف ما قدّمه دعاة الفضائيات وشبكات التواصل مجتمعين، فهل يسترشد أولئك الدعاة بخطاه أو حتى ببعض خطاه؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store