Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ويسألونك عن جهاد المناكحة !

* الفُجرُ في الخصومةِ واحدٌ من أبرز عيوب الشخصية العربية، والميلُ نحو الكذب، والتزييف، واختلاق الفاحش من القصص بقصد خلق حالة من الكراهة والإقصاء للخصوم، هي أيضًا إحدى الطرق الميكافيلية، وغير الأخلاقية

A A
* الفُجرُ في الخصومةِ واحدٌ من أبرز عيوب الشخصية العربية، والميلُ نحو الكذب، والتزييف، واختلاق الفاحش من القصص بقصد خلق حالة من الكراهة والإقصاء للخصوم، هي أيضًا إحدى الطرق الميكافيلية، وغير الأخلاقية التي لا يرى فيها بعض عرباننا بأسًا، بل ثمة مَن يراها نوعًا من الجهاد المقدس!! إن كنت تعتقد أن في قولي هذا شيء من التجنِّي أو المبالغة، فإن عودة سريعة وبسيطة عبر التاريخ كفيلة بأن تكشف لك عن حجم هذا الخلل، وعمقه في الشخصية العربية، من خلال آلاف الحكايا والروايات التي ستصدمك بسيل من الأكاذيب واللعنات والشتائم، والافتراءات المتبادلة بين معظم الطوائف والفرق، والتي لم يسلم منها حتى صحابة الرسول الأعظم! اللافت والعجيب هنا هو التركيز على (الجنس تحديدًا) في معظم تلك التُهم.. وكأنه القاسم المشترك الذي اكتشف العرب أنه أسرع الوسائل وأشدها فتكًا في إلغاء الآخر، والإطاحة به.
* (جهاد المناكحة) هو آخر ما تفتقت عنه الذهنية العربية الطائفية الإقصائية.. وكما يظهر من اسمه، فإنه لم يخرج عن دائرة (الجنس) التي يُدندن حولها العقل العربي اهتمامًا واتّهامًا.. ورغم أن هذه الفِرية لم يتبنها أحد منذ نشرها مِن قِبل الإعلام الطائفي على الثورة السورية، إلاَّ أن هذا الإعلام مازال يستخدمها ككرة نار يقذف بها خصومه، من خلال اختلاق الأكاذيب التي يُعاد بثها على مدار الساعة من أجل الدفع بعاطفة المتابع البسيط -الذي قد لا يعي ما يدور في دهاليز السياسة- نحو الكراهية، والبغض الفئوي والمذهبي.. خارجًا بهذا عن كل الأعراف الإعلامية التي تقتضي التعامل مع الخبر بتجرُّد وحيادية، وعدم الانحياز إلى طرف دون آخر.
* قديمًا، وقبل ظهور وسائل الإعلام الحديثة كان لكل قبيلة أحمقها.. وأحمق القبيلة شخصية إستراتيجية لها أهميتها ودورها الكبير والمؤثر في الحرب والسلم.. فعلى لسانه يستطيع العقلاء والكبراء تمرير ما لا يستطيعون قوله مباشرة من فاحش القول.. كان هذا في الماضي، أمّا اليوم فإن بعض القنوات الفضائية تقوم بدور أحمق القبيلة بكل اقتدار!
* جهاد المناكحة فرية كبرى لم تشوّه صورة طائفة بعينها بقدر تشويهها لصورة الإسلام والمسلمين عمومًا.. وحلقة بغيضة في مسلسل صراع الأكاذيب الطائفية الممتد عبر التاريخ العربي، والذي يضم إرثًا ضخمًا من الأكاذيب الجنسية الحمقاء التي لن تنتهي طالما بقيت طوائف العرب لا تعرف معنى الاختلاف، ولا تستطيع التفكير إلاّ بلون واحد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store