مؤتمر مكافحة الإرهاب: أكثر من نجاح

أكثر ما تأمله أي جهة راعية لمؤتمر هو النجاح... إعداداً وتنظيماً وحضوراً وافتتاحاً. وقد كان ذلك كله لمؤتمر (الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف). فقد بذلت الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة جهوداً مضاعفة مشكورة لإنجاح هذا المؤتمر العالمي الصبغة، المحلي المنشأ. وانعكس ذلك في فعاليات وأنشطة وجلسات المؤتمر بدءاً بالافتتاح الذي شرفه سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وانتهاءً بجلسة التوصيات.ونجح المؤتمر في استقطاب ثلة بارزة من كبار المسؤولين في الدولة ليقودوا جلسات المؤتمر، فكان منهم أصحاب المعالي رئيس المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل ورئيس هيئة الرقابة ورئيس هيئة حقوق الإنسان ورئيس ديوان المظالم، كما شاركت كوكبة من الباحثين المتمرسين في قضايا الإرهاب الذين أصلّوا لبحوثهم تأصيلاً عالي الجودة قوي الحجة ناصع البيان. وكل هذه البحوث طُبعت للتوثيق والاطلاع والاستفادة منها على مستوى الفرد أو المؤسسات العامة والخاصة. ذلكم هو النجاح المعتاد الذي أثبته بجدارة ازدحام قاعة المؤتمر في كل الأوقات، فكان البث التلفزيوني إلى المسجد الملاصق بديلاً مناسباً. وأما النجاح الآخر، فكانت تلك الروح العالية التي أبداها كل مسؤول وعامل في المؤتمر، فالاستفسارات مجابة، والطلبات مقضية، والمواصلات متاحة، والابتسامات متوفرة، والكلمة الطيبة والترحيب الصادق متلازمة. أما سر ذلك كله، في نظري هو النموذج الذي قدمه مدير الجامعة نفسه إذ ضرب من نفسه مثلاً لكل مرؤوسيه، فكان نموذجاً يُحتذى، وعلما يُسار على هداه. وفي باب الإيثار للضيف، أبهرنا معالي الدكتور، إذ لا يكاد يرى أحد الضيوف مقبلاً إلا وآثره بمقعده، فتراه متنقلاً من صف إلى آخر حتى لتجده بعد حين في الصف الرابع أو الخامس تاركاً (أبهة) الصفوف المتقدمة للضيوف الكرام. الجميل أن هذه الممارسة الرائعة تظهر مجردة من أي تصنع أو تكلف مما يرفع للرجل قدره. إنه تواضع خال من الرتوش تأنس به النفس ويهش له القلب. وهو تواضع يشير إلى ثقة في النفس لا تهزها البروتوكلات ولا تؤثر فيها الشكليات.حقا كان المؤتمر شعلة من الحركة الدائبة وجملة من الدروس الحاضرة.Salem_sahab@hotmail.com