Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

د ل خ 666 !!

* يروي أستاذنا الكبير أنيس منصور -رحمه الله- أنه وقع في حيرة شديدة عشية لقائه بأحد المليونيرات الأجانب‏،‏ فلم يكن يعرف ماذا يرتدي من ملابس، كي لا يكون الفارق بينه وبين ذاك المليونير كبيرًا وصارخًا‏..

A A
* يروي أستاذنا الكبير أنيس منصور -رحمه الله- أنه وقع في حيرة شديدة عشية لقائه بأحد المليونيرات الأجانب‏،‏ فلم يكن يعرف ماذا يرتدي من ملابس، كي لا يكون الفارق بينه وبين ذاك المليونير كبيرًا وصارخًا‏.. فقد توقع -وهذا أمر منطقي- أن يرتدي المليونير أغلى وأفخر الثياب؛ من أكبر بيوت الأزياء العالمية، لكنه فوجئ بتواضع الرجل وبساطة ملابسه، ما جعله يُعلِّق علي هذا الموقف بقوله: "إن هذا المليونير يثق في نفسه، وفي ثرائه وهو ليس في حاجة لأن يؤكد للآخرين ذلك لأنهم يعرفونه جيدا"‏.‏
* ما جعلني أستدعي هذه القصة هو ما جاء في أخبار الأسبوع الفائت من بيع لوحة سيارة في مزاد علني بجازان بمبلغ 90 ألف ريال (ريال ينطح ريال).. ورغم أن الخبر بات من الأخبار المألوفة، إلا أنه يقع ضمن فئة المضحك المبكي الذي عبّر عنه الممثل (بشير الغنيم) ببراعة، عندما لم يجد بدًا من تركيب اللوحة المميزة (د ل خ 666) على ظهر حمار -أجلّكم الله- لأنه اضطر لبيع السيارة وكل ما يملك في إطار هوسه بشراء اللوحة المميزة!.
* ثمة ثقافة مغلوطة مازالت تهيمن لشديد الأسف على مجتمعاتنا العربية‏.. ثقافة تهتم بالمظهر دون الجوهر، وبالشكل دون المضمون، وتعنى بالنقل بدلًا عن إعمال العقل، وبالقول الرنان بديلًا عن العمل والفعل، إنها ثقافة التباهي الأجوف التي تُمثِّل انعكاسًا لعدم الثقة في النفس،‏ ومحاولة استقطاب المزيد من الأضواء والبهرجة على الذات من الخارج، بغية أن يُعيرها الآخرون بعض اهتمامهم وانتباههم!.
* في الدول المتقدمة حيث يستبدل كبار القوم سيارات المرسيدس (بالسياكل) لا مكان لثقافة التباهي بالطبع.. فالجميع يؤمن أن قيمة الإنسان ليست فيما يملكه.. بل بما يُقدّمه لمجتمعه.. ‏لذا غابت ثقافة التميّز الأجوف والمهايط، وتفجّرت بدلًا عنها طاقات الإبداع والابتكار والإتقان.. الأمر الذي جعل دولة أوروبية صغيرة كإسبانيا تفوق في دخلها القومي، الدخل القومي للدول العربية مجتمعة!
* كلما سمعت أو قرأت خبرًا من هذا النوع تساءلت: ألم يأنِ لمجتمعاتنا العربية أن تصوّب رؤيتها فتستبدل ثقافة التقدم بثقافة التباهي و(الدلاخة)؟،‏ وأن تدرك أن الفخر الحقيقي لا يكون إلا بتحقيق إنجازات علمية تفيد البشرية جمعاء وتُحقِّق للأوطان طفرات تنموية حقيقية؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store