Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إستراتيجية الأمانة وحمار جحا..!

* أطلعني أحد الزملاء على مسودة الخطة الإستراتيجية العشرينية لتطوير محافظة جدة، التي بدأت الأمانة في تسويقها قبل ستة أشهر، ثم توقّفت عنها بعد إيقاف البند الخاص المصدر الوحيد لتمويل مشروع استعراض وتسويق الخطة.

A A
* أطلعني أحد الزملاء على مسودة الخطة الإستراتيجية العشرينية لتطوير محافظة جدة، التي بدأت الأمانة في تسويقها قبل ستة أشهر، ثم توقّفت عنها بعد إيقاف البند الخاص المصدر الوحيد لتمويل مشروع استعراض وتسويق الخطة.* أعجبتني جداً أهداف الخطة. وجذبتني أدبيات عرضها.. وأطربني إطارها النظري. الخطة حوت 13 محوراً تغطي كل أحلام مسؤولي الأمانة، وسكان المحافظة.. وتعهد الاستشاري بتحويل جدة إلى مدينة عصرية ذات خصائص تنافسية دولية قادرة على تقديم مستوى حياة عالي الجودة، وعلى حماية البيئة لفائدة الأجيال القادمة.* لفت نظري عنوان جميل في باب الاعتبارات الرئيسية للخطة يقول: (ستكون جدة مدينة يظللها العدل، وتميّزها المساواة، وستكون مفتوحة ومضيافة للجميع، يمكن لكل المقيمين فيها الحصول على خدمات الإسكان وغيرها من الخدمات المدنية والاجتماعية). عيشوا هذا الحلم الوردي الجميل، وتمعنوا هذه العبارات المخملية التي تأسر الألباب، وتحلّق بنا إلى كوكب آخر قد يصله كل بني البشر، إلاَّ سكان جدة خاصة بعد كارثة السيول.* تصفّحتُ المسودة بعناية، وعاودت قراءتها أكثر من مرة، وتخيّلت أن جدة ستنافس باريس وجنيف وفينا وفانكوفر.. واكتشفتُ أخيراً أنها أضغاث أحلام، وأن الأمانة عجزت عن توفير خمسة ملايين لتسويق المشروع! فمن أين ستأتي بمليارات لتمويل محاور الخطة؟!* تذكرتُ حكاية جحا حينما أعلن السلطان عن جائزة مقدارها خمسون ألف درهم لمن يعلّم حماره القراءة والكتابة، وإذا لم ينجح في تعليمه يُقطع رأسه.. أحجم الجميع عن قبول العرض ليقينهم أن الحمار لا يمكن تعليمه. وفجأة حضر جحا إلى القصر وأبدى استعداده لتنفيذ المهمّة على أن يُدفع له المبلغ مقدماً، ويُقطع رأسه إذا فشل في مهمته خلال عشر سنوات. فوافق السلطان وصرف له المبلغ وسلّمه الحمار.* خرج جحا والجموع تلومه فقال لهم: (اشترطتُ عشر سنوات وهي كفيلة بموت الحمار، أو بموتي، أو بموت السلطان، وفي كل الحالات كسبت المبلغ إلى أن يفرجها الكريم).. أخشى ما أخشاه أن تنتهي إستراتيجية الأمانة بما انتهى إليه حمار جحا!!* ولو فكرت الأمانة في استثمار تكاليف الدراسة ومطبوعاتها الراقية، وما صاحبها من حفلات واستعراض وتسويق وولائم وانتدابات في نظري انها كانت ستكفي لردم الحفر والمطبات، وهبوطات الشوارع التي تهدد سلامة الناس ومركباتهم، بدلاً من ذر الغبار في العيون بمشاريع بعيدة عن الواقع، ولا يمكن تنفيذها في مدينة مثل جدة.. لم يعد فيها بُنية تحتية مناسبة لأي توسع أو تنمية أو منافسة مع أي مدن عالمية إلاَّ إن كان المقصود بها دول العالم الفقيرة. فهذا ممكن. والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store