Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تساؤل في يوم الوطن!

سبق لي كتابة مقال في مجلة "مكة" الصادرة عن أمارة منطقة مكة المكرمة بعنوان: "المواطنة انطلاقاً من الأحياء"، تحدثت فيه عن تجربة بسيطة تمنيت ولا زلت أتمنى رؤيتها في كل حي من أحيائنا السكنية لما تعكسه من

A A
سبق لي كتابة مقال في مجلة "مكة" الصادرة عن أمارة منطقة مكة المكرمة بعنوان: "المواطنة انطلاقاً من الأحياء"، تحدثت فيه عن تجربة بسيطة تمنيت ولا زلت أتمنى رؤيتها في كل حي من أحيائنا السكنية لما تعكسه من مجموعة من القيم النبيلة بدءاً من حقوق الجار وانتهاء بحقوق الوطن.
فقبل حوالي عشر سنوات تقريباً أرسلت خطابات إلى معظم سكان الحي الذي أسكنه، بدأته بالتعريف بنفسي وبأهمية التواصل والإحسان بين الجار وجاره تنفيذاً لقيم ديننا الإسلامي الحنيف. ثم تطرقت بعد ذلك لأهمية أن نضع أيدينا جميعاً بأيدي بعض لجعل حيِّنا أنموذجاً في كل شي جميل, من نظافة وتنسيق وتشجير، بحيث نتفق على معايير موحدة يلتزم بها الجميع سواء فيما يتعلق بالحفاظ على نظافة الحي أو نوعية التشجير المستخدمة أمام كل منزل، إضافة إلى اقتراح النزول مرة كل أسبوع إلى الدوار الكبير الموجود وسط الحي وقيامنا بأنفسنا بتنظيفه وزراعته ليكون متنفساً للسكان وأطفالهم.
للأسف الشديد كان التجاوب محدوداً للغاية بشكل جعلني أشعر حينها أني بادرت بعمل غير مألوف أو ربما غير مقبول اجتماعياً.
الفكرة التي كنت أحلم بها لم أقم في الواقع بابتكارها ولكني عشتها ولمستها لسنوات طويلة في حي آخر كنت أسكنه من قبل وكان سكانه أنموذجاً مختلفاً تماماً للتعاون وحب العمل التطوعي والالتزام بكل ما تقرره المجموعة من معايير وأنظمة. من الصعب جداً عليّ أن أصف جمال وروعة الإحساس الذي كنت أشعر به في ذلك الحي الجميل النظيف خاصة عندما كنا نلتقي في ساعة محددة من كل أسبوع ومع كل منا ما أمكنه إحضاره من شتلات وزهور لنقوم بزراعتها بأيدينا في مدخل الحي وأطرافه. هذا اللقاء كان أيضاً فرصة لتوطيد العلاقة بين سكان الحي ونقاش أي مشاكل أو مقترحات يطرحها أي منهم.
للأسف الشديد مرة أخرى فإن ذلك الحي النموذجي في كل شي لم يكن حياً من أحياء مدينة جدة ولا حتى حياً من أحياء أي مدينة سعودية أخرى، بل كان الحي الذي سكنته لسنوات طويلة في ولاية فرجينيا الأمريكية. وبالمناسبة وقبل أن يقول قائل أن حرارة الجو في جدة لا تساعد على ذلك, فان العمل الاسبوعي في الحي "الفرجيني" كان يتم تحت مختلف الظروف من حر شديد صيفاً الى برد قارس شتاءً.
اليوم وبعد عشر سنوات عاودني التفكير مجدداً بتكرار المحاولة مرة أخرى، متسائلاً ماذا ينقصنا كمواطنين سعوديين لتكون لدينا روح التعاون والمشاركة والاهتمام بتلك الدائرة الصغيرة التي نعيش داخلها وهي دائرة "الحي". علماً أن تحقيق ذلك سينعكس دون شك إيجاباً على علاقتنا بالدائرة الأكبر وهي "المدينة"، فالدائرة الكبرى وهي دائرة "الوطن".. وهل من دورِ يمكن أن تقوم به الجهات الحكومية المعنية كالأمارة أو الأمانة أو المجالس البلدية أو حتى التربية والتعليم وذلك لبناء تلك الثقافة الإيجابية ودعمها وتشجيعها؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store