Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التعليمُ.. نُقوّمه أم نُحطّمه؟!

لا يشك شاك في أهمية التعليم وانعكاساته على الوطن والأمة، إذ به تبني نهضتها وترتقي مفاهيمها ويقوّم سلوكها وتشيّد حضارتها.

A A
لا يشك شاك في أهمية التعليم وانعكاساته على الوطن والأمة، إذ به تبني نهضتها وترتقي مفاهيمها ويقوّم سلوكها وتشيّد حضارتها.
ولا مناص أن تطويره حاجة ملحّة وضرورة مُلزمة ليلحق الجيل بنظيره، فيرتقي في فكره ويعيش يومه ويُجاري عصره، ويتمكّن من ملاحقة الجديد في كل المجالات فلا يغيّب ولا يعيش في عزلة أو منأى عمّا يدور في عالم بات أشبه ما يكون بقرية كونيّة يتواصل فيه الجميع من خلال وسائل وأدوات باتت متاحة له بيسر وسهولة.
وأرجو ألا يتعجّل القارئ الكريم فيرميني بالمجاملة، أو يتهمني بالمحاباة؛ فالمسألة لا تعدو أن تكون وجهة نظر ربما يتفق حولها البعض، وللطرف الآخر الحق الكامل في مخالفتها، والمقصود هو الوصول في النهاية إلى ما يبني هذا العنصر المهم ويصل به إلى درجة كبيرة من الرضا الذي يُحقِّق طموحات وآمال المتخصصين والمتابعين معًا.
والحق أن واقع التعليم لا يفي بالتطلعات التي ترمقها أبصار التربويين؛ فما زالت المناهج ورقيّة والتعديلات عليها مستمرة، والمحزن هو عدم الاهتمام بآراء من يقومون بالعملية التربوية ويمارسون العملية التعليمية ميدانيًا، فتجدهم يُفاجأون بمناهج يكتشفون بعد ذلك وجود نقص في المعلومات الواردة فيها، وعند السؤال عن السبب تجدهم يجمعون أن من قام بالتأليف لم يُمارس التعليم واقعًا، ولم يُعايشه كتعامل مع المحيط التربوي!
وقد ظهرت قبل أيام بعض الصور والمقاطع التي تقدح في بعض المعلومات الواردة في بعض المناهج، ليأتي النفي من الوزارة بأن ذلك كله مجرد زيف محض، وافتراء من أناس يبدو جليًا أنهم يرومون النيل من التعليم لأهداف مشبوهة وأغراض لا يعلم المتابع عنها شيئا!
وقد قمت شخصيًا بالتحقق من ذلك، فوجدت رد الوزارة صحيحًا، ومن قام بذلك إنما استخدم بعض البرامج الحاسوبية ليُحقِّق مبتغاه في تغيير صورة ووضع أخرى.
كما تحققت من تلك الحملة التي شنّها البعض والتي تحاول الإيهام بأن مناهجنا تتهكم بخير البرية وسيّد البشرية عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام من خلال أوصاف غير لائقة، ووجدت أنها ليست كذلك، وأن السياق ليس كما صوّره البعض.
والمتأمل يجد أن هؤلاء قد نجحوا قبلًا في النيل من المعلم الذي يُمثِّل محور العملية التربوية؛ فمن خلاله تستقيم وتحقق غاياتها وأهدافها، وبدونه تختل عملية التوازن فيها فلا يصلح حالها، ولربما ساهمت بعض قرارات الوزارة وتصريحات بعض المسؤولين في ذلك، فبات المعلم لا يتبوأ المنزلة اللائقة به بل زالت مهابته في نفوس كثير من طلابه، فتجرّأوا عليه، وبتنا نسمع قصصًا لم نكد نصدقها، ووصل الأمر إلى التعدي على شخصية المعلم وتمادى هؤلاء الطلاب، وما قصة مقتل المعلم البرناوي الأخيرة -والتي نتمنى أن تكون الأخيرة- إلا دليل على صحة ما ذكر آنفًا.
وتأتي حملات مشبوهة على المناهج لتحاول إيصال رسالة إلى أن تعليمنا لم يعد صالحًا، بل بات يُشوِّه فكر طلابنا بإعطائهم معلومات غير صحيحة بل يزودهم بمعلومات ربما كانت مضحكة!
هذا المشهد ينبغي التصدي له، وعدم تمريره، بل يجب مقاضاة من يروجون لذلك فتعليمنا -على الرغم من عدم رضانا الكامل عنه- يجب أن يبقى في منزلته السامية يؤدي رسالته المنوطة به، ولا يصح أبدًا الفتّ في عضده أو النيل منه بأي وسيلة من الوسائل؛ فحينئذ يفقد دوره ويقل عطاؤه، بل ربما زال مفعوله، فتكون المخرجات باهتة ولا همّ لها سوى نيل الشهادة -كما هو واقع البعض الآن مع بالغ الأسف- فلا فائدة تُرجى منه، ولا يتوقع من البناء والارتقاء بالوطن مطلقا.
وختامًا فإن التعليم ركن ركين في مسيرة التنمية والبناء، ومكانته عليّة ومنزلته سَنيّة والقدح فيه جُرم، وإلصاق التهم به جناية، والتقويم لا يفترض أن ينقلب إلى تحطيم، وعدم رضانا لا ينبغي أن يفضي بحالٍ إلى تلك التصرفات الرعناء والحملات الهوجاء.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة