Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مدرجات تويتر

عندما تذهب الى الاستاد الرياضي لتشجيع فريقك المفضل (أهلي أو اتحاد مثلا)، فإنك ستتجه مباشرة إلى مدرجات الفريق الذي تشجعه..

A A
عندما تذهب الى الاستاد الرياضي لتشجيع فريقك المفضل (أهلي أو اتحاد مثلا)، فإنك ستتجه مباشرة إلى مدرجات الفريق الذي تشجعه.. فأنت لن تذهب قطعاً إلى مدرجات الاتحاد وأنت ترتدي شعار الأهلي أو العكس وإلا فإنك ستتعرض بأقل الأحوال للسخرية والشتيمة أو حتى الضرب والطرد. وبافتراض أنك مشجع معتدل وغير متعصب فعليك وأنت في المدرجات أن تمارس "التقية" الكروية، بحيث تتجنب تماماً إظهار إعجابك بمهارات مهاجم الفريق المنافس ولا حتى تنتقد خشونة وسوء سلوك أحد مدافعي فريقك. ففي هذه المدرجات أمامك ثلاثة خيارات لا رابع لها: أن تكون أهلاويا أو اتحاديا أو ملتزماً للصمت التام في عباراتك وانفعالاتك، بل وحتى في مظهرك ولون ملابسك الذي لا يجب أن يكون أصفر في مدرجات الأهلي أو أخضر في مدرجات الاتحاد.
تويتر بالنسبة للسعوديين لا يبدو أنه يختلف كثيرا عن تلك المدرجات الكروية، ففي كل قضية لهم "أهازيج" وتحاليل ومشاحنات، حتى لو كانت معرفة كثير منهم عن تلك القضايا كمعرفة فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين بأحكام الأضحية في الحج.
لنأخذ الثورات العربية كمثال.. فبدءا من ثورة تونس وانتهاء بثورة سوريا جلس "جمهورنا" على مقاعدهم الوثيرة في بيوتهم مطالبين الناس في تلك الدول أن يخرجوا للقتال، وألا يعودوا إلى منازلهم دون تحقيق أهداف "الثورة" مهما كان الثمن!! أحد المغردين المصريين قال ساخراً: "نحن في مصر نمارس الثورة، بينما الخليجيون يمارسون التغريد نيابة عنا".
جمهورنا التويتري لا يختلف أيضا عن جمهورنا الرياضي من حيث التعصب وعدم قبول الاختلاف والحياد. أذكر مثلا أني عندما تجرأت على إبداء امتعاضي من طريقة قتل القذافي وطريقة سجن وإذلال مبارك نالني ما نالني من هجوم وانتقاد.
هذا الجمهور بلغ قمة حماسه وانفعاله -بين مؤيد ومعارض- بعد إقصاء مرسي وفض اعتصام رابعة العدوية، حيث اشتعلت مدرجات تويتر لدينا أكثر من اشتعالها في مصر نفسها، ورفع هذا الطرف شعار "الأربع أصابع"، في حين رفع الطرف الآخر شعار "الأصبع الواحد". وتولى "رؤساء رابطة مشجعي" كل طرف مهمة شحن جماهيرهم ومهاجمة معارضيهم بشتى الوسائل التي وصل بعضها درجة التكفير والتخوين وتوظيف المحفزات الدينية والوطنية للنيل منهم.. كما لم يسلم بطبيعة الحال "حكام اللقاء" من دول عربية وغربية من الاتهامات بالانحياز والتحامل والتآمر، تماماً كما يحصل بعد كل مباراة ديربي أو كلاسيكو.
كنا في الماضي نشكو من تعصب جماهير الكرة في المدرجات مع كل لقاء حاسم، فأصبح لدينا مدرجات مفتوحة على مدار الساعة تفيض بالتعصب الذي يفوق التعصب الكروي تطرفاً وضرراً.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store