Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

زعيق “الثامنة” وهيئة “الزفت”

كتبتُ قبل أكثر من عام مقالاً بعنوان: "زعيق الثامنة" ذكرتُ فيه أن برنامج الثامنة مع داوود الشريان فقد البوصلة وتجاوز مرحلة "الزعيق" إلى الشتيمة والتهديد لضيوف البرنامج كقوله: "غجري.. ما يفهم..

A A
كتبتُ قبل أكثر من عام مقالاً بعنوان: "زعيق الثامنة" ذكرتُ فيه أن برنامج الثامنة مع داوود الشريان فقد البوصلة وتجاوز مرحلة "الزعيق" إلى الشتيمة والتهديد لضيوف البرنامج كقوله: "غجري.. ما يفهم.. زبالة"، وصولاً للدعاء على المسؤولين كما فعل مع وزير الشؤون الاجتماعية عندما قال: "الله لا يوفقه".. ثم تحوّل البرنامج إلى منبر للعنصرية البغيضة وشرعنتها والتحريض عليها، فالأجانب عمومًا جاؤوا لنهب ثروات البلد وإفساده وسلب الوظائف من مواطنيه، ويجب عليهم - حسب قوله - أن "يضفوا وجوههم"، وكأن هؤلاء "الأجانب" قدموا جميعهم متسللين إلى البلد، وليس بتأشيرات طبيب وخبير ومخرج تلفزيوني ومعد وفني تصوير.. بل إن الاستوديو الذي يبث منه "الثامنة" نفسه لا يخلو من كثير منهم.
اليوم وبعد حوالي عام من كتابتي لذلك المقال عاد الشريان لصدم المشاهدين وكي آذانهم ومشاعرهم بعبارات الشتيمة التي مارسها هذه المرة مع هيئة حكومية هي هيئة الاستثمار التي أسماها بـ"هيئة الزفت". وأرجو مُقدَّمًا ألا يلجأ أحد إلى منح ذلك أي مبررات من قبيل ضعف أداء الهيئة أو أخطائها، لأن ذلك سوف يعتبر تصريحًا لشتم هيئات أخرى تحت نفس الذرائع. فعلى سبيل المثال هل يحق لنا شتم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو هيئة الاتصالات أو هيئة الرقابة والتحقيق أو هيئة مكافحة الفساد أو أي جهات أخرى حكومية أو غير حكومية لمجرد أن لدينا ملاحظات على أدائها، أو لخطأ ارتكبه بعض أفرادها.. وهل يقبل الشريان هو نفسه أن يتم شتمه أو شتم برنامجه في وسيلة إعلامية لأخطاء ارتكبها أو صدرت في برنامجه، فهو ليس كامل بكل تأكيد، وكما تدين تدان؟
إن المعالجة الإعلامية لقضايا المجتمع يجب أن تتم بأسلوب مهني يتسم بالرقي والتهذيب والإقناع لا بالشتم والإساءات والصراخ.. علمًا أنه وبهذا الصدد سبق لي نشر دراسة بعنوان: (الموضوعية، والمهنية، والمصداقية في البرامج الحوارية الخليجية)، خلصت نتائجها إلى أن شعبية البرنامج الكبيرة لا تعني بالضرورة تمتّعه بتلك الصفات. فعلى سبيل المثال نجد أن برنامج "الثامنة" كان وفقًا للدراسة أكثر البرامج الحوارية الخليجية شعبية، إلا أنه جاء رغم ذلك -وفقًا لما ذكرته عينة الدراسة- في المرتبة الأخيرة في جميع تلك الفضائل الإعلامية من مصداقية وموضوعية ومهنية دون استثناء.
ختاما.. لا يختلف اثنان على أن "الثامنة" يثير ويناقش قضايا اجتماعية هامة يمس كثيرًا منها صميم حياة الناس وهمومهم وهو أمر يستحق الشكر والثناء، لكني كنت آمل أن يبادر البرنامج بتصحيح وعلاج تلك التجاوزات والأخطاء غير المقبولة والتي كتب عنها وانتقدها كثيرون غيري. وكما يبدو، ونظرًا لأن شعبية البرنامج وجماهيريته تقوم أصلا على هذا الأسلوب في الأداء -الذي وللأسف يعجب الكثيرين ويطربهم- فقد اختار مقدمه التضحية بأهم مبادئ الإعلام وفضائله وذلك في سبيل نيل الشعبوية وتصفيق العامة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store