Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الملك عبدالعزيز: تكوين دولة يهودية في فلسطين سيكون ضربة قاضية للكيان العربي

الملك عبدالعزيز: تكوين دولة يهودية في فلسطين سيكون ضربة قاضية للكيان العربي

استأثرت القضية الفلسطينية باهتمام الملك عبدالعزيز ورعايته، فقد حمل الملك عبدالعزيز على كاهله عبء هذه القضية منذ بداياتها الأولى، أي منذ صدور وعد بلفور، ورفض كل محاولات بريطانيا الهادفة إلى انتزاع شبه

A A
استأثرت القضية الفلسطينية باهتمام الملك عبدالعزيز ورعايته، فقد حمل الملك عبدالعزيز على كاهله عبء هذه القضية منذ بداياتها الأولى، أي منذ صدور وعد بلفور، ورفض كل محاولات بريطانيا الهادفة إلى انتزاع شبه اعتراف بالوطن القومي لليهود، وكان الملك عبدالعزيز متوازنًا ومعتدلًا وموضوعيًا في تعاطيه مع القضايا العربية، فكان ينظر للموضوع وفق المعطيات الدولية والعربية، فلا يتشدد في مواقفه إلا في الحق، ومن هنا انطلق الملك عبدالعزيز في دفاعه عن قضية فلسطين من واقع إيمانه وشدة تدينه، وبذلك أصبح الملك عبدالعزيز الزعيم العربي الذي يقصده العرب، ويطلبون منه العون والدعم، وذلك لما له من مكانة دولية وعربية مرموقة، لذا فإن الفلسطينيين قد عولوا كثيرًا على دعمه ومساندته ومؤازرته للقضية، وهذا ما تجلى في ثنايا البحث.
وأخذ الملك عبدالعزيز يولي القضية الفلسطينية جل اهتمامه وكبير رعايته، وذلك من أجل حل القضية حلًا عادلًا يحقق أماني الشعب الفلسطيني في تحقيق مطالبه التي تقضي بإلغاء وعد بلفور ومنع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومنذ ثورة 1355هـ/ 1936م والقضية الفلسطينية تؤرقه، فقد حمل هموم هذه القضية دون غيره من الزعماء العرب، فهو المؤهل لذلك لمكانته الدولية والإسلامية والعربية.
وأولى جلالة الملك عبدالعزيز قضية فلسطين جل اهتمامه، وهو الملك العربي المسلم الوحيد الذي حمل وحده دون سائر حكام العرب والمسلمين عبء قضية فلسطين، وكان وحده الذي وقف في وجه روزفلت وتشرشل في أواخر الحرب العالمية الثانية، وواجههما بظلم الحلفاء للعرب عامة، وللفلسطينيين خاصة في الحرب العالمية الأولى، وانتزاعهم منهم حقهم وإعطائهم إياه لليهود ورغم انشغال الملك عبدالعزيز في تأسيس دولته الحديثة فإن الملك عبدالعزيز انطلاقا من عقيدته الدينية كان متعاطفًا ومنحازًا تلقائيًا وفطريًا لقضايا الأمة الإسلامية، ولاسيما قضية فلسطين، وهي حقيقة تشهد بها المواقف والوقائع، وتسجلها الوثائق الدولية بما لا يترك مجالًا للشك وكان للملك عبدالعزيز مواقفه المبدئية من جميع الأحداث والمؤتمرات والثورات الفلسطينية، وكانت إسهاماته في كل مراحل القضية بادية للعيان وواضحة وضوح الشمس.
وكان الملك عبدالعزيز-طيب الله ثراه ـ رغم انشغاله في تأسيس المملكة بعيد النظر في جميع الأدوار التي أراد الإنجليز وحلفاؤهم تمثيلها على مسرح السياسة العربية لتحقيق التصريح المشؤوم، فلم يكترث بجميع الوعود الغربية لعلمه الكامل ويقينه الراسخ بأنها وعود خادعة، يهدف الغربيون من ورائها تأمين مصالحهم في نطـاق الدولـة الصهيونية على أنقاض عرب فلسطين، ورغم جميع المحاولات التي كان يبذلها ممثلو بريطانيا في العراق والكويت لدى الملك عبدالعزيز آل سعود لانتزاع شبه اعتراف باليهود ووطنهم القومي المزعوم في فلسطين، فإن شيئًا من هذا لم يقدم عليه، بل ظل حذرًا جدا يدفع كل ما يختص بهذا الموضوع بدراية وحكمة، على حين كان يعمل سرًّا وجهرًا لتثبيت عروبة فلسطين ما استطاع إلى ذلك سبيلا وقد استنكر عبدالعزيز وعد بلفور بأبعاده ؛ إذ قال: «ليس من العدل أن يطرد اليهود من جميع أنحاء العالم، وأن تتحمل فلسطين الضعيفة المغلوبة على أمرها هذا الشعب برمته».
وقد رفض الملك عبدالعزيز رفضًا قاطعًا كل ادعاءات اليهود وحقهم في فلسطين، فذكر ذلك في كل مراسلاته ولقاءاته مع كبار الساسة الأمريكيين والإنجليز، فقال في ذلك الشيء الكثير الذي دونه في رسائله، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما جاء في رسالة من الملك عبد العزيز إلى روزفلت في 10 مارس 1945م:»إن مساعدة الصهيونيين في فلسطين لا تعني خطرًا يهدد فلسطين وحدها، بل إنه خطر يهدد سائر البلاد العربية»، وأضاف قائلًا: «إن أعمال الصهيونيين في فلسطين وفي خارجها صادرة عن برنامج متفق عليه من الصهيونية»، وقال أيضًا:»إن تكوين دولة يهودية في فلسطين سيكون ضربة قاضية للكيان العربي ومهددًا للسلم باستمرار»، وقال أيضًا: «من أجل الإسلام أحارب بريطانيا نفسها»، وأضاف قائلًا: «إن مطامع اليهود ليست في فلسطين وحدها، فإن ما أعدوه من العدد يدل على أنهم يبيتون العدوان على ما جاورها من البلدان العربية»، وقال أيضًا: «ليس في جسمي ذرة لا تدعوني لقتال اليهود، إني أفضل أن تفنى الأموال والأولاد والذراري ولا يتأسس لليهود ملك في فلسطين»، وهكذا فإن الملك عبدالعزيز قد عبر عما في نفسه وضميره تجاه قضية فلسطين وتجاه عرب فلسطين، فرفض الوعد الذي أعطته بريطانيا لليهود وهي لا تملك فلسطين، «لقد أعطى من لا يملك وعدًا لمن لا يستحق».
ومما يجدر ذكره أن الفلسطينيين والعرب استنكروا وعد بلفور، فرفضوه، وطالبوا بإلغائه، فقامت ثورات ومظاهرات وإضرابات في فلسطين، وكانت أولاها تلك المظاهرة التي قامت في القدس في عام 1339هـ/1920م والتي طالبت بإلغاء وعد بلفور، ونادت كذلك بإلغاء الانتداب البريطاني على فلسطين وقيام حكم وحدوي في بلاد الشام.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store