Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ما يصح بعد “التصحيح” إلا الصحيح

فكرة تصحيح وضع العمالة في المملكة فكرة وطنية صائبة، وهي تحمل في طياتها يقظة ونفض الغبار عما راكمته عشرات السنين من تساهل وتسيُّب، حتى غدا وضعهم فيه تضخم وتورّم، والعملية التصحيحية عبر المهلة التي مُنح

A A
فكرة تصحيح وضع العمالة في المملكة فكرة وطنية صائبة، وهي تحمل في طياتها يقظة ونفض الغبار عما راكمته عشرات السنين من تساهل وتسيُّب، حتى غدا وضعهم فيه تضخم وتورّم، والعملية التصحيحية عبر المهلة التي مُنحت للتصحيح اجتثت جزءًا كبيرًا من الورم، ولكن علاج الورم جراحيًا وحده لا يكفي، لا يكفي أن نترك الجرح ينزف والخلايا السرطانية تتنقل من تحت تحت، وتُدبِّر ما تشاء من مكر (نقصد هنا العمالة التي تتخذ من الإجرام سبيلًا لبقائها دون تصحيح وضعها)، لذلك فإن فترة ما بعد التصحيح لا تقل أهمية عن عملية التصحيح نفسها، حيث لا يصح بعد التصحيح إلا الصحيح.
إن التفكير الإيجابي من خلال لجان مشتركة من المسؤولين عن التصحيح والمواطنين، ومن كُتَّاب ومُفكّرين، وأعضاء مجلس الشورى والمجلس البلدي لتقييم الوضع، والتصرف المتجدد الذي يُراقب الوضع ساعة بساعة، يساعد في إتمام نجاح الحملة، لأن اكتمال مؤشر النجاح لهذه الحملة وتحقيق الهدف هو الصحيح لما بعد التصحيح، وإن عاد الكتان -لا قدر الله- زي ما كان، فلا ينفع بعدها تصحيح، ويعود الوضع كما كان غير صحيح.
إن من الأمور التي تساعد على تصحيح الوضع لما بعد التصحيح ما يلي:
١- عدم السماح بتسرب التأشيرات أو منحها بأعداد كبيرة لغير مستحقيها نظاميًا، والحزم والشدة في هذا حتى لا نعود للمربع الأول.
٢- متابعة جادة لوضع العمالة وبالتعامل الإنساني المعتاد ومن خلال النظام ترحيلًا أو تسوية وضع، مع منح العمالة كل مستحقاتهم الأدبية والمالية.
٣- التنبيه على التنفيذيين القائمين على هذه الحملة من قِبَل رؤسائهم بأن مصلحة الوطن مُقدَّمة على أي مصالح أخرى، ومراقبتهم في ذلك.
٤- الحزم والجدية فيما يخص الاستثناءات، بأن لا استثناءات، وجعل ذلك ثقافة جديدة تُعزِّز الثقة بالجهات المعنية.
٥- يمكن أن تكون هناك قرارات استثنائية «إنسانية» خاصة بمن لهم أكثر من أربعين عامًا وأولادهم وبناتهم، ونشأوا وتربّوا في هذا الوطن، أو خدموا سنوات عديدة في تخصصات أو أعمال كانت لهم فيها بصمات، فيتم دراسة وضعهم ويُستفاد منهم في أعمال محددة، ويُمنحون بطاقة خاصة بهم.
٦- حل وضع المواطنين الذين لم تسعفهم المهلة التصحيحية بإنشاء مؤسسات كثيرة ذات ضوابط محددة لتوفير العمالة المنزلية من سائقين وشغالات وتحت إشراف نظامي يحفظ للمواطن والوافد والمؤسسات حقوقهم.
٧- التركيز في المرحلة الأولى على عمالة المؤسسات والشركات التي من خلالها يستفيد المواطن بتوظيفه، بعكس عمالة المنازل التي ملاحقتها تضر ولا تنفع.
٨- المضي في هذا المشروع الوطني مع المحافظة التامة على التصرفات السليمة سواء من العمالة بضبط تصرفاتها أو من التنفيذيين القائمين على الحملة بتبني الأسلوب الإنساني في التعامل.
إنني من مؤيدي ما قامت به الجهات المعنية من وضع تصحيحي، وهو ما كان يجب أن يكون منذ زمنٍ بعيد، لكن لا مانع أن نراجع أنفسنا ونستيقظ على شرط أن لا يكون الوضع بعد التصحيح كما كان قبله.
Prof.skarim@gmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store