Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حقـــل.. الحنين إلى الوطن

حقـــل.. الحنين إلى الوطن

تعددت رحلات الكاتب خلال أربعين عامًا إلى أرجاء الوطن الحبيب، وكل رحلة تغرس حبًّا وتصبح ذكرى ماثلة أمام النظر دائمًا، كما تصبح تلك الذكرى متعة لا تعدلها متعة، وتولِّد شوقًا إلى الزيارة مرة أخرى، وحن

A A

تعددت رحلات الكاتب خلال أربعين عامًا إلى أرجاء الوطن الحبيب، وكل رحلة تغرس حبًّا وتصبح ذكرى ماثلة أمام النظر دائمًا، كما تصبح تلك الذكرى متعة لا تعدلها متعة، وتولِّد شوقًا إلى الزيارة مرة أخرى، وحنينًا يملأ القلب حبًّا وشوقًا إلى أرجاء الوطن الحبيب، وعندما تكون الزيارة لجزء من الوطن الغالي، ويقع ذلك الجزء على الحدود، فإنك تحسُّ بعاطفة قوية لهذا الجزء، وكمثال لذلك فإن مدينة حقل تقع على الحدود، ويقسم الحدّ الفاصل بين الدولتين جبل من جبال حقل، ووقفتُ على ذلك الجبل، وأشعرُ بأنّ الجزء من الجبل نفسه الذي يخصّ حقل أغلى بآلاف مرات من الجزء الذي يدخل في حدود الدولة الأخرى، وتقع حقل على ساحل رأس محمد (أحد فرعي البحر الأحمر)، كانت ميناءً شهيرًا خلال العصور القديمة، وتعتبر حقل الآن مركز محافظة حقل، ويتبعها عدد من المراكز وهي: مركز الدرة، ومركز علقان، ومركز أبي الخشان، ومركز الزيتة، ومركز وادي الجديد.
وقد وردت حقل في شعر كثيّر صاحب عزّة حيث قال:
سقى دِمنتين، لم نجدْ لهما أهْلا
بحقلٍ لكم يا عَزَّ، قد زانتا حَقلا
نجاءُ الثُرَيّا كل آخِر ليلةٍ
تجودهما جَودًا وتُرْدِفُهُ وَبْلا
والعقبة وإيلات (أيلة) وحقل متقاربة جدًّا، ورأى الكاتب ذلك بنفسه، حيث رأى جبال الطور، وميناء إيلات رأي العين، ولكن هناك بعض الجبال الحدودية تخفي ميناء العقبة، ويعتبر حقل ميناء تيماء قديمًا، وحقل حاليًّا بلدة ليست كبيرة وهي مكان هادئ تحيط به سلسلة جبال حسمى من الشرق، وجبال أخرى من الناحيتين الجنوبية والشمالية، وتشكيلة جبال حقل لافتة للنظر؛ ممّا يجعل الناظر إليها يعتقد بأنها جبال من الرمل، ولكنها في الواقع صخرية، وتعتبر حقل من أجمل المواقع السياحية على ساحل البحر الأحمر، حيث اعتدال الجو في أي وقت، وصفاء الشاطئ، إضافة إلى جمال رمالها التي تميل إلى اللون الأبيض وتعامل أهلها الراقي مع من يمر بحقل أو يزورها مع وجود أسر من قبيلة الكاتب (الفايدي) بحقل ويعتـزّ بهم الكاتب أيّما اعتزاز إلاّ أنه يشعرُ بأن أهل حقل هم أهله جميعًا، وذلك بحسن أخلاقهم، وحسن ضيافتهم وتودّدهم إلى من يأتيهم، وتذكَّرتُ عند وداع حقل قبل عقدين من الزمن تقريبًا بعض أبيات قيلت في الوطن أكررها في حقل، وفي كل موقع من الوطن الغالي:
العين بعد فراقها الوطنا
لا ساكنًا ألِفَتْ ولا سكنا
ريّانة بالدمع، أقلقها
ألا تحسّ كرى ولا وسنا
كانت ترى في كل سانحةٍ
حسنًا، وبانت لا ترى حسنًا
والقلب لولا أنَّةٌ صعدت
أنكرته وشككت فيه أنا
ليت الذين أحبهم علموا
وهم هنالك ما لقيت هنا
ما كنت أحسبني مفارقهم
حتى تفارق روحي البدنا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store