Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

احذروا الفرص فهي سبب كل بلاء!!

تذكرت مؤخراً لسبب ما مصطلحاً علمياً شائعاً استخدمته كثيراً في إحدى المواد التي سبق لي تدريسها وهي مادة (أخلاقيات الأعمال)..

A A
تذكرت مؤخراً لسبب ما مصطلحاً علمياً شائعاً استخدمته كثيراً في إحدى المواد التي سبق لي تدريسها وهي مادة (أخلاقيات الأعمال).. هذا المصطلح هو "الفرصة" Opportunity، ويقصد به مدى توفر الظروف المحيطة التي تسمح للممارسات غير الأخلاقية -أو غير القانونية- بالحدوث سواء في المنظمة أو على مستوى المجتمع ككل.
الفرصة إذاً بهذا المعنى هي أمر سلبي، وهي تنشأ عندما يتم مكافأة العمل غير الأخلاقي بأي شكل بما في ذلك إبداء الإعجاب بالشخص القائم به، كما أنها تنشأ عندما يكون هناك فشل في عقاب ذلك الشخص، أو بشكل عام فشل في إتخاذ الإجراءات التي تمنع تلك الممارسات قبل حدوثها. غياب العقوبة يخلق "الفرصة" للممارسات غير الأخلاقية لأنه يتيح للشخص القيام بها دون خوف من العواقب. "الفرصة" أيضاٍ يمكن أن تنشأ من المعرفة أو الخبرة، فكلما زادت سنوات خبرة الموظف في عمله كلما زادت معرفته بالثغرات التي يمكن تحويلها لفرص لمخالفة القانون.
ومن أمثلة "الفرص" الناتجة عن مكافأة المسيء، تشجيع المجتمع للشباب الذين اشتبكوا مع الأثيوبيين رغم أن قيامهم بذلك هو عمل خاطئ في ظل وجود قوات أمن قادرة على معالجة الموقف.. كما أن تصرفهم قد يعرضهم للأذى, أو ربما يدفعهم حماسهم لإيذاء أشخاص أبرياء دون وجه حق. تشجيع هؤلاء اليوم ربما يكون ضوءاً أخضر لهم مستقبلاً لمزيد من التدخل العنيف في مهام أخرى وقد يتم استغلاله من قبل بعضهم لتنفيذ ممارسات غير أخلاقية أو غير قانونية تحت غطاء وحجة "الغيرة الوطنية".
القضاء على "الفرص" المسببة للفساد ومخالفة النظام لا يمكن أن يتم بدون وجود أنظمة وقوانين صارمة ومفعلة, ولا بدون إغلاق كل الثغرات المتاحة التي يستغلها المخالفون وممارسو الفساد بكل أشكاله. من الضروري أيضاً توعية المجتمع وتثقيفه على رفض الفساد ومخالفة القانون وتجنب مكافأة القائمين به وتشجيعهم عبر إظهار الإعجاب بهم أو التغاضي والسكوت عنهم.
لماذا الحديث عن "الفرص" اليوم رغم وجود كثير من القضايا الأخرى التي تبدو أكثر أهمية؟ الإجابة ببساطة هي أن وراء كل مشكلة من مشاكل مجتمعنا المستعصية مجموعة من "الفرص" التي تعتبر بمثابة التربة الخصبة لكل تلك المشاكل. السبب الآخر والأهم هو أننا وبينما نحن في أعماق الحملة التصحيحية الوطنية بكل تبعاتها لا يكاد يخلو مجلس واقعي أو افتراضي من تصريح وتلميح بوجود بعض الـ "الفرص" التي استغلها بعض ضعاف النفوس في الإثراء غير المشروع من هذه الحملة التصحيحية. هذه "الأقاويل" يتم تداولها بشكل واسع، كما لمح عنها عدد من الكتاب في مقالاتهم. وأنا هنا أكتبها دعوة صريحة لـ "نزاهة" للتحرك بنفس قوة وبسالة جنودنا في الميدان وذلك للتحري وإغلاق أي ثغرات محتملة للفساد المسبب للإحباط والاستياء والذي كان هو أصلاً وراء معظم مشاكل العمالة غير النظامية الراهنة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store