Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ليس لكم إلا وطنكم

إن ما يشغل ذهني في هذه الأيام ويقلق بالي، هذه الحملة الهجومية الواسعة على المملكة من قِبَل أصوات خارجية، أخذت تدندن على أوتارٍ شتى، حتى استطاعت أن تُجذب عددًا قليلًا من شبابنا، فشحنت نفوسهم، وأصمّت آذ

A A
إن ما يشغل ذهني في هذه الأيام ويقلق بالي، هذه الحملة الهجومية الواسعة على المملكة من قِبَل أصوات خارجية، أخذت تدندن على أوتارٍ شتى، حتى استطاعت أن تُجذب عددًا قليلًا من شبابنا، فشحنت نفوسهم، وأصمّت آذانهم عن سماع الحقيقة، فجعلتهم يُخلطون الأوراق، ويمزجون المشكلات ببعضها، فلا يرون إلا السلبيات، ويغمضون أعينهم عن الحسنات، فتراهم دومًا في تذمُّر وسخط، حتى صارت تلوك سيرتنا الأفواه المتعفنة التي تمتلىء قلوبها حقدًا على السعودية وأهلها.
وأعظم دليل على قولي ما تفوح به بعض قنوات التواصل الاجتماعي، لكن لو تأملنا ما يبثه الحاقدون بعين التبصر، وبقلبٍ واعِ، لاستنبطنا أدلة تدينهم من أفواههم، وأنا حين أقول قولي هذا، لا أقصد أن نكون صماً بُكماً عُمياً لا نسعى للإصلاح، ولكن هناك فرق بن النقد الإصلاحي وبين التهجم غير الواعي.
إن الفساد الذي نهاجمه في مجتمعنا لن يختفي ولن يزول إلا إذا بدأ كل فرد منّا بالقضاء على الفساد في داخله، فكم منّا يتصدّر المجالس ويتفنَّن في عرض قضايا للفساد، وتجد مثل هذا المتحدث من أكبر المفسدين على مستواه الفردي، فهو على المستوى الديني تراه لا يُقيم الصلاة ولا يعرف القبلة، وإن عرفها فهو لا يُصلِّيها في أوقاتها، وهكذا باقي العبادات، وشأنه كذلك في التعامل مع والديه وأهل بيته وجيرانه، وزملائه في العمل، وهذا لعمري مخ الفساد.
أما على الصعيد الوظيفي، فهو لا يلتزم بأوقات الدوام، وإن التزم فهو منشغل باللعب أو مشاهدة المسلسلات على جهاز الكمبيوتر الخاص بالعمل، وإن كان يلبس مسوح الورع فإنه يحضر جهازه معه، ظنًا منه أنه تفلّت من زمرة المفسدين، وانشغاله باللعب معناه تأخُّر المعاملات، وتصريف المراجعين، وإهدار أوقاتهم. وهذا غيضٌ من فيض. ومع هذا كله تجده الجهبذ في نقده، المُفوّه في خطابه، المُثقّف في أدلّته، يسحر المستمعين بقوله، وكأنك أمام زعيم إصلاحي.
فإذا لم يقضِ كل واحد منّا على فساد ذاته، فإن الفساد سيتوالد ويتكاثر، فكلما قضينا على مفسد ظهر غيره عشرات المفسدين، حتى وإن كانت هناك عقوبة، فالمفسد لن يعجز عن اختراع الحيل.
فيا أبناءنا ليس لكم إلاَّ وطنكم، أحبّوه وأخلصوا في نقده وتوجيهه بقلبٍ صافٍ، غير مُنساق وراء الأقاويل، ولا تكونوا إمّعات تنساق خلف كل ناعق، أصلحوا ما بينكم وبين الله، وأخلصوا في أداء أعمالكم وأتقنوها، وحكّموا عقولكم، ولا تلهثوا خلف كل ناعق، ولا تكونوا عونًا للأعداء على وطنكم، عندها أبشروا بالقضاء على الفساد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store