Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المواد الإجبارية في الجامعات. . نظرات فاحصة

منذ مايزيد على العقدين من الزمن، تم اعتماد مبدأ «المواد الاجبارية – أو الإلزامية - في الجامعات». ولقد كان توجهاً حكيماً تبنّاه واضعو أُسس التعليم العالي في حينها.

A A
منذ مايزيد على العقدين من الزمن، تم اعتماد مبدأ «المواد الاجبارية – أو الإلزامية - في الجامعات». ولقد كان توجهاً حكيماً تبنّاه واضعو أُسس التعليم العالي في حينها. ولا ننسى أن جُلّ الجامعات العالمية تلتزم بهذا المفهوم فيما يسمى باللغة الانجليزية mandatory classes in university. وتتفاوت الجامعات في تحديد نوعية ومحتوى تلك المواد الدراسية. لكن المنطلق العام فيها هو « توسيع مدارك الطالب الجامعي في قضايا ومواضيع قد لا يغطّيها تخصصه، ويحتاج الى تلك المواد فيما يأتي من حياته العملية». لقد كان التركيز في جامعاتنا على مواد الثقافة الاسلامية واللغة العربية، ولاغرابة في ذلك، فبلادنا منبع الإسلام ولغتها الرسمية هي اللغة العربية، وقد تلقتهما الدنيا بأكملها من بلادنا» بلاد الإسلام». لكن مع الجزم بحسن النوايا، الا أن هناك العديد من الملاحظات على تلك المواد من الطلاب، والكثير من الأساتذة الذين يقومون بتدريسها، وذلك من ناحية المحتوى والعرض. ولعلي أعرض لبعض منها، على سبيل المثال:
1.جمود المحتوى العلمي واستمرار طرح قضايا قد لا يحتاجها الطلبة آنيّاً، ويمكن الرجوع اليها في مراجعها الخاصة لمن لديهم اهتمام بها.
2.عدم طرح القضايا التي تؤرق الشباب، والإجابة على مالديهم من تساؤلات ثقافية وفكرية وأخلاقية.
3.عدم استحضار قضايا مصدرها الاساس هو الثقافة الاسلامية لكنها تعالج مواضيع مثل المواطنة الحقيقية، والانتماء للوطن، التعامل مع الآخر والتعامل مع البيئة، وغيرها كثير.
4.عدم استخدام الطرق التعليمية الحديثة لإيصال محتوى تلك المواد للطلبة.
5. ضعف أوعدم مشاركة الطلبة في المادة خلال الدرس او المحاضرة، وإلزامهم دائماً بالتلقي والتلقين.
مع إيماني بأنه من الضروري الحرص على إبقاء تلك المواد، إلا أنني أرى أنه يجب أن :
• تجيب تلك المواد – في محتواها – على كل تساؤلات وهموم الطلبة وبكل شفافية.
• يجدر بمن يقوم بمراجعة المحتوى أن يستحضر قضايا مهمة، منها مبدأ « الحوار»، « القضايا الفكرية المعاصرة»، «هموم الوطن والمواطنة» و «علاقة الإنسان بما حوله»، إضافة إلى «أخلاقيات التعامل والمعاملة».
•التحول من التلقين الى المشاركة والحوار بين الطلبة وأساتذتهم. وذلك بتحويل المواد من محتويات جامدة إلى ورش عمل وحلقات دراسية وبحوث مصغرة وزيارات ميدانية. فالهمّ واحد والقضايا مشتركة، ودور الاستاذ هو التوجيه وتقديم الاستشارة.
أخيراً فإن الجامعات يمكنها من خلال عقد ورش عمل مكثفة، أن تعيد وضع الأطر العامة المحققة لنقل تلك المواد الالزامية من مواد يحرص عليها الطلبة للحصول على درجات عالية بغرض رفع معدلاتهم الجامعية، الى مواد تفاعلية تربط بين تراثهم المجيد وبين متطلبات عصرهم وبأحدث وسائل التعلم.
إنني أعتقد أن طلبتنا قد تخطّوا مرحلة الوصاية والتجهيل، وأصبحوا قادرين على التمييز بين الأشياء. وفي هذه المرحلة الحرجة من تكوينهم الفكري والعقلي، هم بأمس الحاجة إلى من يكون لهم مستشاراً مؤتمناً يثقون بطروحاته، ويكون الرابط الحقيقي بينهم وبين وسطية الدين وجمال لغتهم العربية، وعظمة وطنهم منبع الإسلام مما يحببهم في كل تلك المعاني السامية، فيكونون على قدر المسئولية التي تنتظرهم . . وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store