Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أنا حزين كيف أبتسم ؟!

جاءتني رسالة هذا الصباح في الهاتف الجوال تقول(ابتسم لحياتك وابتسم لكل ماحولك وفكر في كل مايسعدك ولا تفكر في أمر يقلقك.فالأمل دواء والقلق عناء والتفاؤل رجاء) وهي رسالة فيها من التفاؤل الشئ الكثير لكن ك

A A
جاءتني رسالة هذا الصباح في الهاتف الجوال تقول(ابتسم لحياتك وابتسم لكل ماحولك وفكر في كل مايسعدك ولا تفكر في أمر يقلقك.فالأمل دواء والقلق عناء والتفاؤل رجاء) وهي رسالة فيها من التفاؤل الشئ الكثير لكن كيف سيتلقاها ذلك المهموم في رزقه الذي يرى أطفاله وهو لا يستطيع إطعامهم أو تسليتهم أو كسوتهم ؟.وكيف سيتلقاها من تأتي زوجته وتطلب منه ما يكسوها لأن تلبس مثل قريناتها وهو لا يستطيع تلبية طلبها؟.وكيف سيتلقاها من تأخر عن تسديد إيجار الشقة لأنه أنفق راتبه في تسديد بعض الديون وشراء احتياجاته الضرورية ، لكن قسط الإيجار قد حل وتأخر عنه شهرين وهناك تهديد من المقيم الذي يعمل مع المالك لقطع الكهرباء عنه حتى يسدد أو يخرج، وأين يذهب بأطفاله وهو على هذا الحال رغم أنه رجل مجد في عمله ويبذل كل مايستطيع ؟وكيف سيلقاها وأمامه فاتورة الكهرباء والجوال ومبالغ للبقال وصاحب المغسلة وغيرهما؟. وكيف سيتلقاها من تعطلت سيارته القديمة التي أجهدته وهو يصلح أعطالها وهاهي تطلب المزيد ولا مال عنده ومتأخر عن عمله وسيارات الأجرة قليلة وغالية وأسلوب عملها رتيب وقديم ولا نقل عام يساعده في الوصول لعمله ؟.وكيف سيتلقاها ذلك الأخ الذي يرى شقيقه الغني يسافر إلى كل مكان ويبذّر في المال وينفق على أولاده وبيته بكل إسراف وتهور ولم يفكر في السؤال عنه وتقصي أحواله وتفريج كربته بعد الله حتى عندما ذهب إليه يطلب المساعدة وجد منه الصد والتهرب والقلب القاسي ؟.وكيف سيتلقاها ذلك المهموم بفقدان أعز حبيب وأقرب إنسان إلى قلبه وخرج من المقبرة يهيم بين مصدق ومكذب؟.وكيف سيتلقاها من يقرأ صباح مساء عن التكافل بين المسلمين وعن البر والصدقة ومساعدة المحتاجين والفقراء والمعوزين وهو يرى أصحاب الأموال في زيادة ينتهي من مصنع ليبني آخر ومن قصر إلى آخر ومن شركة إلى أخرى ومن أرض إلى أرض أكبر ومن عمارة إلى أخرى أكبر ومن مشروع إلى آخر أضخم وأكبر مع زيادة في الأرصدة وصرف فيه إسراف على متع الدنيا وعندما تحدثه عن فقراء ومحتاجين فإنه يحاول إيجاد الأعذار لنفسه ويبحث عن التبرع المقرون بالوجاهة والرياء والتقرب بينما لا يرق قلبه ولا حتى لأقربائه من المحتاجين والفقراء .وكيف سيتلقاها ذلك الشاب الذي تعب من اللهاث والركض اليومي للبحث عن عمل وبعض رجال الأعمال يضيقون الفرص ويغلقون الأبواب دون المواطن .وكيف سيتلقاها ذلك الشاب الذي تقدمت به السن ويذهب طوال ليله يفكر في ألم وحسرة رغبة في إكمال دينه والزواج وتكوين أسرة لكنه أمام غلاء المهور ومتطلبات الزواج يعيش قلقاً وألماً وضيقاً . إذا لا نلوم بعض من لا يبتسم ولا أبحث لهم عن الأعذار ولكن هذه هي الحياة وللأسف تتسع فيها مساحة الحزن بأنانية بعض الأفراد وعدم إحساسهم بالآخرين .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store