Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حضانة الأم ورائحة الشم!!

كنت أسير يوما مع صديقين في احدى المدن الأوربية، وفي شارع من شوارعها وجدنا مجموعة من الناس معظمهم سيدات في منتصف العمر أو اكبر يحملن لوحات مكتوب عليه: ممكن تحضن، ولوحات اخرى تدعو لممارسة الاحتضان huggi

A A
كنت أسير يوما مع صديقين في احدى المدن الأوربية، وفي شارع من شوارعها وجدنا مجموعة من الناس معظمهم سيدات في منتصف العمر أو اكبر يحملن لوحات مكتوب عليه: ممكن تحضن، ولوحات اخرى تدعو لممارسة الاحتضان hugging وانه ضروري للحياة وتحتاجه النفس البشرية، وكان التجمع اشبه ما يكون بأسبوع الشجرة او المرور غير انه «احتضان»، وكان صديقي اللئيم وذو النية الخبيثة قد حطت عينه على فتاة في العشرين من العمر فعندما تقدم نحوها، رفضت ان تحضنه واعتذرت بأدب كونها ليست من المتبرعات بالاحتضان، هذا الصديق العربي، اما الصديق الانجليزي فقد ذهب الى امرأة كبيرة في السن وأخذ يحضنها من قلبه حضنا كأنها أمه، وهي كذلك تحضنه من قلبها، بعد الانتهاء من الحضن والضم الي من القلب قال لي: خذلك حضنة hug، قلت له: إحنا عندنا حرام حضن المرأة الاجنبية، قال: بس هذه كبيرة في السن، وأبدى لي ارتياحه النفسي بالاحتضان وانه ما ذاق في حياته طعم مثله ولا يعرفه كونه اساسا لم يضم او يحضن احدا، وعلى ذكر حضن الكبيرات، لي صديق من المدينة المنورة وهو ممن وسع الله عليه وعادة يقصد المنتجعات الصحية في العالم، ذات يوم أطلعني على صور له في احد المنتجعات واذا به تضمه وتحضنه امرأة كبيرة جداً في السن وتضمه من قلبها وهي غير مسلمة فقلت له كيف تعمل كذا، قال: إيه اعمل امرأة حول الثمانين وكبيرة بسن أمي وجرتني وضمتني وشفتها محتاجة حنان فقلت أتصدق عليها ووقتها انا مغلوب على امري.
كنت كتبت مقالة سابقا بعنوان «اسباب العافية» وذكرت ان هناك ستة اسباب للعافية، احدها الحضن وانه ضروري لراحة النفس والقلب والأعصاب، وهذا ما ذكره العلماء فهناك بحث في جامعة فينا اثبت الباحثون من خلاله ان الاحتضان يعزز الذاكرة ويخفض من ضغط الدم والقلق والخوف، والاحتضان للصغار مطلب اساسي لانه يعزز النمو الجسمي والنفسي من خلال حاستي الشم واللمس، لذلك هناك فترة ضرورية لكل طفل ان يبقى بين حضن امه تسمى فترة الحضانة وهي فطرية موجودة حتى على مستوى الحيوانات، والاحتضان يزيد من فرصة التعارف الجزيئي عبر الرائحة الشمية لدرجة ان الدماغ يميزها على المستوى الشخصي فالطفل يعرف رائحة امه ولا ينام الا عليها ويستطيع ان يميزها من بين آلاف الروائح وقد عبر عن ذلك سيدنا يعقوب بقوله: اني اجد ريح يوسف لولا ان تفندون، وهناك ابحاث عديدة حول الشم والناحية النفسية ليس محلها هنا، وقد حدث ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أعاد الشاب الى ابيه الأعمى حيث غاب عنه فترة طويلة في الجهاد في سبيل الله، قبل ان يدخله عمر رضي الله عنه عليه جعل الابن يحلب الشاة اولا وقدمه له عمر فقال مباشرة الاب لعمر رضي الله عنه: ان في هذا رائحة ابني، فالحضن فيه انفاس ترد العافية وفيه ارتياح يشد من خلايا الجسم ويعافيها، والمجتمع الشرقي عموما اكثر حظا من المجتمع الغربي في الاحتضان والحضن، وحجر الام ذو جودة عالية بالنسبة للاحتضان حتى ولو كبر الأبناء والى عهد قريب كان الأبناء وهم كبار يضعون رؤوسهم على حجر أمهاتهم ليستقوا منها مزيدا من الحنان ومسح الرأس والدعاء حتى ولو على شكل «تفلية «. وهناك حنان آخر له معنى ويحقق مكاسب وهو مناعي ومنفعي في نفس الوقت يستفيد منه الطرفان وهو حضن الزوجية وهو مطلوب شرعا ومن الناحية البيولوجية والنفسية، فالهرمونات داخل الجسم لدى الرجل او المرأة تتضافر مع بعضها لتحقيق سعادة نفسية وجسمية حيث يزيد ذلك من أفراز هرمون الأوكسيتوسين (هرمون يفرز اثناء الاسترخاء يعزز الثقة) وهذا ما وجه به النبي الكريم عليه السلام والا يقع احدكم على زوجته كما تقع البهائم.
Prof.skarim@gmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store