Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ثــرمــــداء.. عرّافة نجد

ثــرمــــداء.. عرّافة نجد

«ثرمداء» بلدة تاريخية قديمة، أسّسها امرؤ القيس بن تميم، وهو إن لم يسبق امرأ القيس بن حجر الكندي فهو معاصرٌ له، وليست ثرمداء ببعيدة عن أرض كندة، علمًا بأن الشاعر علقمة الفحل الذي عاش في الجاهلية، وم

A A

«ثرمداء» بلدة تاريخية قديمة، أسّسها امرؤ القيس بن تميم، وهو إن لم يسبق امرأ القيس بن حجر الكندي فهو معاصرٌ له، وليست ثرمداء ببعيدة عن أرض كندة، علمًا بأن الشاعر علقمة الفحل الذي عاش في الجاهلية، ومات قبل الإسلام بحوالى خمسين عامًا كان معاصرًا لامرئ القيس بن حجر الكندي، ولست أدري أعاقر معه الفقرة الأولى من عبارة امرئ القيس بن حجر (اليوم خمرٌ وغدًا أمرٌ) أم لا؟ والشاعر علقمة الفحل من تميم، وذكر ثرمداء في شعره حيث قال:
طحا بك قلبٌ في الحسان طروب
بُعيد الشباب، عصر حانَ مشيبُ
ثم يذكر ثرمداء:
وما القلبُ، أم ما حاصنٌ ربعيَّةٌ
يخطُّ لها من ثرمداء قليبُ؟
إذًا ثرمداء تعتبر معقل قبيلة تميم، هذه القبيلة الضاربة في التاريخ، وفي القوة، وفي الفخر أيضًا، وهي من القبائل التي تأخر إسلامها، ومن اعتزازها بنفسها اتَّبَعَتْ أحد المتنبئين الكذابين حيث قالت: (لكذّاب تميم خيرٌ لنا من صادق مضر). ولكنها عندما أسلمت أصبحت المدافع الأول عن الإسلام، وبرز منهم كثيرٌ من الصحابة، مثل الصحابي الجليل قيس بن عاصم التميمي، والصحابي الجليل الأقرع بن حابس التميمي، ومنهم القعقاع بن عمرو التميمي. (لصوت القعقاع في الجيش أفضل من ألف فارس). وبقي هذا الاعتزاز بهذه القبيلة في فكر وقلب كل تميمي. فالشاعر جرير يذكر ثرمداء قائلاً:
انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى
والعيس جائلة، أعراضها جُنفُ
ويفتخر بقبيلته قائلاً:
إذا غضبت عليك بنو تميم
حسبت الناس كلهم غضابا
وحظيت ثرمداء من بداية التاريخ بالذكر، حيث سطّر اسمها بعد اكتشاف الأحرف، ولم يخلُ سفرٌ من دراسات ومدونات المؤرّخين والرحّالة والمبعوثين والمستكشفين من ذكر ثرمداء، فلو تم استعراضهم لامتلأ الجزء المخصص لـ(أماكن)، حيث إن من يتتبع تاريخها يذهل من الأحداث التي وقعت بها، حيث روّت الدماء تربتها طلبًا لحكمها، وقد تكون تلك الدماء لأسرةٍ واحدةٍ تسعى إلى حكم ثرمداء، ومن يتتبع ذلك يعتقد بأن ثرمداء تضاهي الدرعية والرياض وحائل في الأحداث، علمًا بأنها أعمق من تلك المدن تاريخًا، وتوصف ثرمداء دائمًا بأنها واحة مستطيلة الشكل، ويحيط بهذه الواحة كاملة سور مدعم بأبراج على أركانه، وهناك حصنٌ شهر بداخلها، ولا يزال الحصن موجودًا باسم من ارتبط بثرمداء. وكم أعتزّ شخصيًّا بهذه البقعة، حيث تُحدّث التاريخ عن نفسها وغيرها وكأنها عرّافة نجد، كما تعطي مثالاً عن الأدب، ولاسيما الشعر عن نجد، وكأنها أرض عبقر:
أقتَلُ أدواء الرجالِ الوجدُ
وَقِِ نجدًا فالغرامُ نجدُ
حيث الرياض والنسيم أنف
ودنف ما يستفيق بعدُ
أن الصبا إذا جرت قادحة
نار الغرام ففؤادي الزندُ
لا تتلق نفحة نجدية
هزلاً فهزل النفحات جدُّ
ما كبدي بعدك إلاّ جذوة
لها بترجيع الحنين وقدُ
مع تحياتي لكِ يا ثرمداء..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store