Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحديبية : بيعة الرضوان

الحديبية : بيعة الرضوان

الحديبية موضعٌ قرب مكة المكرمة، سمّيت نسبة إلى بئر هناك، وقيل بشجرة حدباء (مرتفعة مع ميول ساقها)، كانت في ذلك الموضع، واشتهر تاريخها بأنها تلك الشجرة التي تمت البيعة تحتها.

A A

الحديبية موضعٌ قرب مكة المكرمة، سمّيت نسبة إلى بئر هناك، وقيل بشجرة حدباء (مرتفعة مع ميول ساقها)، كانت في ذلك الموضع، واشتهر تاريخها بأنها تلك الشجرة التي تمت البيعة تحتها. وقد جاء ذكر تلك الشجرة في القرآن الكريم، يقول تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا) سورة الفتح الآية (18)، وحدد موقع تلك الشجرة تحديدًا دقيقًا ولاسيما مكانها، وما يحيط به، وهذا المكان لا يقع على الطريق القديم الذي يربط مكة المكرمة والمدينة المنورة، والذي يُسمّى درب الأنبياء، أو الطريق السلطاني الذي يمرُّ بالتنعيم بالشمال الغربي لمكة، والذي كان من المفترض أن يمرّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه في تحركهم من عسفان نحو الجنوب في اتجاه مكة، لكن لعلمه صلى الله عليه وسلم لخروج خالد بن الوليد قبل إسلامه، وكان قائدًا لفرسان قريش، أراد صلى الله عليه وسلم أن يتجنّب اللقاء معهم، حيث سلك النبي وأصحابه، ومعه دليلٌ طريقًا وعرًا غير مطروق، حتى وصلوا إلى الحديبية، وقد حددها المؤرخون تحديدًا دقيقًا، وسمي الموقع (بيعة الرضوان)، وقصة هذه البيعة بالاختصار هي كما يلي: لما استقر أمر المسلمين بالمدينة، وبدأت القوة تزداد قليلاً قليلاً، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أداء العمرة وذلك تمهيدًا لإقرار حق المسلمين في أداء عبادتهم في المسجد الحرام، والتي حرموا منها منذ ست سنوات، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأداء العمرة في يوم الاثنين من ذي القعدة في السنة السادسة للهجرة، وكان عددهم ألفًا وأربعمائة رجل تقريبًا، ولمّا علم قريش بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم قرروا عدم السماح لدخول مكة في أي حال من الأحوال، وفي الموقع ذاته أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين هدف مجيئه بأنه جاء لزيارة البيت العتيق، وليس للحرب، وقد أرسل لهذا الغرض عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فاحتبسته قريش عندها، ووصل الخبر بأن عثمان -رضي الله عنه- قُتل، وحينئذٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نبرح حتى نناجز القوم)، ثم دعا أصحابه إلى البيعة، فثاروا إليه يبايعونه على ألاّ يفروا، وبايعته جماعة على الموت، ثم جاء عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وأرسل قريش فريقًا للتفاوض مع المسلمين وإبرام الصلح، وهكذا تم الصلح على البنود، وهي مذكورة في كتب السيرة والمغازي، وأثناء العودة إلى المدينة نزلت الآية (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا). ويطلق على الموقع حاليًّا (الشميسي)، ولا أدري ما الهدف من ذلك، ولاسيما أن على رأس أمانة مكة المكرمة رجلاً مثقفًا يحبّ مكة المكرمة، والمواقع التي لها علاقة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بأسمائها الأصلية، فلماذا لا يُسمّى الحيّ (حي بيعة الرضوان)، أو (حي الفتح) مع استخدام لوحات مضاءة بها آيات من سورة الفتح، والاستفادة من الجبل لإبراز تلك الآيات مثل الآيتين اللتين وردتا سابقًا، أو الآية التي ختمت بها سورة الفتح، وذلك تذكارًا مستمرًا لهذا الفتح العظيم الذي سجله القرآن الكريم، وخاصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أُنزلت عليَّ الليلة سورة، لهي أحب إليّ ممّا طلعت عليه الشمس. ثم قرأ: (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا)، رواه البخاري. ويأمل الكاتب أن يكتحل مَن يأتي من جدة من الطريق العام برؤية تلك اللوحات المضاءة، إضافة إلى لوحات حي بيعة الرضوان، أو حي الفتح، حيث يثير الانتباه بدخول مكة، ويزيد في تعظيمها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store