Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أجا وسلمى .. متلازمان جغرافيًّا وتاريخيًّا ومثيران للأدب

أجا وسلمى .. متلازمان جغرافيًّا وتاريخيًّا ومثيران للأدب

ارتبطت حائل بقبيلة طيء، تلك القبيلة العربية الضاربة في التاريخ، منها حاتم الطائي، وابنته سفانة، وابنه عدي، وبعض الشعراء مثل تمام والبحتري.

A A

ارتبطت حائل بقبيلة طيء، تلك القبيلة العربية الضاربة في التاريخ، منها حاتم الطائي، وابنته سفانة، وابنه عدي، وبعض الشعراء مثل تمام والبحتري. وكفى بذلك فخرًا لحائل ولطيء، كما ارتبطت بجبلين إذا ذكر أحدهما جاء ذكر الآخر وهما: أجا وسلمى، وهذان الجبلان لهما تاريخٌ مشترك في الأدب شعرًا ونثرًا في الجاهلية والإسلام، ويطلق عليهما جبلا طيء، ومع أنهما مرتبطان إلاَّ أن هناك مسافة بينهما، كما تكرر ذكر حائل التي ارتبط بها الجبلان في الجاهلية والإسلام في الأدب شعرًا ونثرًا أيضًا، لكن الكاتب ركّز على أجا وسلمى من باب تجديد المعلومات لأبنائنا وبناتنا، مع التعريف لكل منهما حيث أن جبل أجا هو الأقرب إلى حائل، بل هو جزء منها، وكم كرر حاتم الطائي جبل أجا حيث قال:
أرَى أَجَأَ مِنْ وَراءِ الشَّقِيـ
ـقِ والصَّهْوِ زَوَّجَهَا عامِرُ
وقَدْ زَوَّجُوها وقد عَنَّسَتْ
وقَدْ أَيْقَنُوا أَنَّهَا عاقِرُ
كما ذكر امرؤ القيس جبل أجا:
أبت أجا أن تسلم العام جارها
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
وجبل سلمى أكثر ذكرًا في الأخبار والأشعار، وهي على بعد 50 كيلاً عن حائل تقريبًا، تمتد من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي، وجبل سلمى ليس جبلاً واحدًا، وإنما هي سلسلة من الجبال عرضها في حدود ثلاثة عشر كيلومترًا، وأعلى قمة نحو 1200متر عن سطح البحر. وذكر كثيرٌ من الشعراء سلمى فقد ذكرها جرير حيث قال:
تُبَلِّغْ بَنِي نبْهانَ مِنّي قصائدًا
تُطالَعُ من سَلْمَى وهنَّ وُعورُ
وقال آخر:
لبَرْقٌ على سلْمَى وأعلامِها العُلَى
أَقَرُّ لعَيْنَيَّ وأَشْفَى لِما بِيَا
وهناك قصص شعبية حول تسمية الجبلين بهذا الاسم، حيث رويت قصة حب خيالية، وهي: أن أجا كان رجلاً من إحدى القبائل كانت تسكن في تلك المنطقة، وسَلْمَى (اسم أنثى) كان يعشقها أجا، وهي تعشقه إلى حد الجنون، ولكن رفض أهلهما تزويجهما بسبب الأعراف القبلية، ومات كل منهما في جبل سُمّي باسمه.. وهي كما ذكرت قصة خيالية، وأخيرًا فإن كل منطقة حائل بجبالها، ولاسيما أجا وسلمى، بل وكل محتوياتها الطبيعية من سهول وأودية وصحارى تعطي مثالاً واقعيًّا في المحافظة على البيئة. ولعلّ التضاريس المتباينة هي سرّ جمال منطقة حائل، كما استطاعت حائل أن تجمع بين الحضارة وجمال البيئة، وذكّرني الجمع بين الحسنيين قول أبي الطيب المتنبي:
حُسْنُ الحضارةِ مجلوبٌ بتطْرِيَة
وفي البَدَاوةِ حُسْنٌ غيرُ مجلوبِ
أفدِي ظِبَاءَ فلاةٍ ما عَرفْنَ بِها
مضْغَ الكلامِ ولا صَبْغَ الحَوَاجِيبِ
ولحبّ الكاتب لحائل وأهلها فقد ألّف (حاتم الطائي.. سيرته وثقافة عصره)، كما سبق أن زار الكاتب حائل عدة مرات، ومع ذلك يتمنى إعادة زيارته مرة بعد أخرى واستشهد:
من الخفرات البيض ودَّ جليسها
إذا ما انقضت أحدوثةٌ لو تعيدها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store