Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أين مجمع الفقه الإسلامي الدولي؟!

ما إن شرَّفني بكَرْتِه الشخصي حتى شعرت بفرح عارم يَتمَلكني، حمدت الله أن جلست بجواره، وحمدت لأستاذنا الشيخ عبدالمقصود خوجة عظيم احتفائه به في رحاب اثنينيته العامرة، حيث كان حريصا على أن يكون قريبا منه

A A
ما إن شرَّفني بكَرْتِه الشخصي حتى شعرت بفرح عارم يَتمَلكني، حمدت الله أن جلست بجواره، وحمدت لأستاذنا الشيخ عبدالمقصود خوجة عظيم احتفائه به في رحاب اثنينيته العامرة، حيث كان حريصا على أن يكون قريبا منه تلك الليلة، إنه الأستاذ الدكتور أحمد بن خالد بابكر أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، هكذا جاء في تعريفه، وهكذا كان سمته ووقاره العلمي دالا عليه.
أقول كانت فرحتي عارمة تلك الليلة لكوني قد عثرت على خبير بمجمع الفقه الإسلامي، ذلك العنوان المتوهج الذي يُدغدغ مشاعري وأنا أراه مبسوطا فوق إحدى البنايات الكبيرة بطريق المدينة بمدينة جدة، وتلك المؤسسة الدينية التي يقع على كاهلها مسؤولية إيجاد مفهوم فقهي مُتجدد لعديد من النوازل المستجدة برؤية عصرية، علاوة على مسؤولية تقليص الفجوة السلبية بين مختلف المذاهب الإسلامية، التي كان من جرائها بلوغ حالة التشرذم والصراع المحموم المقيت، الناتج عن حالة التعصب الأعمى، التي جعلها البعض ركيزة له دون وجه حق، ودون رؤية علمية صحيحة.
والسؤال: هل يقوم حقا مجمع الفقه الإسلامي الدولي بهذا العمل؟ بمعنى هل كان للمجمع تأثير جوهري على مناحي الحياة الفقهية بين الناس؟ وهل أصبح مرجعا علميا لمختلف النوازل الفقهية المعاصرة؟ وهل وُفـِّق المجمع فعليا لتخفيف حدة الفجوة السلبية بين أتباع المذاهب الإسلامية اليوم؟.
إن أزمتنا تكمن في جوهر الخلاف الديني بين عديد من المذاهب الإسلامية إجمالا، جراء اختلافها في الحكم على عديد من المسائل التقليدية والنوازل المُستجدة، وبالتالي فما أحوج الأمة اليوم إلى وجود آلية تستطيع من خلالها تقريب وجهات النظر الشرعية بين مختلف المذاهب من جهة، والخروج بأحكام متوافقة في كثير من المسائل والنوازل، وإصدار مُدونة فقهية جامعة تكون بمثابة المصدر الرئيسي للتشريع الفقهي بين عموم المسلمين، مع حفظ حق الاجتهاد والبحث الذاتي لعلماء كل مذهب.
في تصوري أن التوافق بين العلماء على ظهور مدونة فقهية شاملة، والعمل على تثبيتها بين جمهور الناس اليوم، والاستناد إليها عبر مختلف الوسائل الإعلامية، سيكون له أكبر الأثر في تخفيف وتيرة الاحتقان البغيض بين مختلف المذاهب الإسلامية، التي تتفق بأن مراتب الأحكام لن تخرج عن المباح يليه الوجوب ثم الاستحباب فالتحريم ثم الكراهية، لكنها مع ذلك تتفاوت في أحكامها على بعض المسائل بين الإباحة والتحريم، وهو ما أدى إلى حالة التشرذم القائمة والصراع البغيض بين أتباع تلك المذاهب المتخالفة، على الرغم من أن جميعها ينطلق من مصادر تشريعية واحدة، فأين المجمع من كل ذلك؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store