Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإرشاد الأكاديمي.. منهجية ملزمة

كان مقال الأسبوع الماضي بعنوان "المرشد الأكاديمي.. أين أنت؟"، للحق كانت ردود أفعال الأكاديميين والمهتمين تتناسب مع أهمية الموضوع فيما أحسب..

A A
كان مقال الأسبوع الماضي بعنوان "المرشد الأكاديمي.. أين أنت؟"، للحق كانت ردود أفعال الأكاديميين والمهتمين تتناسب مع أهمية الموضوع فيما أحسب.. إلا أن قارئًا واحدًا أسعدني برسالة نصيّة هذا جزء منها بعد إعادة صياغتها بالفصحى قدر الإمكان: "ماذا تريد بالضبط، هل تريد أن تحكم الخناق على الطلاب، وهل تريدهم أن يبقوا تحت المراقبة.. كفى تحكمًا واستبدادًا، لا أعرف أن هناك أي جامعة في الغرب تمارس ما تنادي به.. كفى!".
أصددقكم القول إن تلك الرسالة كانت مبعث سعادة لي، فقد فتحت لي من الأبواب ما أرى أنه من الواجب عليَّ أن أشرككم فيه، فأنتم مركز التأثر والتأثير لما أكتب. مما جال بخاطري بعد تلك الرسالة النصية ما يلي:
أولًا: إن الإرشاد الأكاديمي أمر تقوم به الجامعات كدعم ومساعدة وتوجيه للطالب على مدار سنوات دراسته الجامعية. وهو ليس تفضّلًا ولا منّة منها، لكن يأتي ذلك انطلاقًا من التزامها تجاه طلبتها في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى المرشد الأكاديمي، ذلك الأخ الأكبر"Big Brother". لا تقوم الجامعات بالإرشاد الأكاديمي إلا لكي تساعد الطالب على الإبحار في لجج السنوات الأكاديمية بأقل تكلفة نفسية وعقلية.
ثانيًا: إن تراخي الجامعات في الوفاء "الحقيقي" تجاه طلبتها بإرشادهم إرشادًا أكاديميًا حقيقيًا، قد يكون هو الذي أوجد شعورًا متوترًا تجاه ممارسة الإرشاد الأكاديمي. وحين تقوم الجامعات بدورها المطلوب من خلال مرشديها وتظهر نتائج تلك الممارسة سيقتنع الكثير بجدواها.
ثالثًا: إن الإرشاد الأكاديمي: هو علم وفن وممارسة أخلاقية ملزمة للجامعة، يجب عليها تنفيذها من خلال تدريب حقيقي على مفاهيم الإرشاد الأكاديمي، ولا يتأتى ذلك إلا بعد اختيار أولئك المرشدين بعناية. لذلك فمن وجهة نظري يجب العمل على تأهيل أكبر عدد من المرشدين، ومتابعة تدريبهم بصفة دورية، كما يتم تقويم ممارساتهم، لتؤتي الممارسة أكلها كما يجب.
رابعًا: هناك فرقٌ كبير بين ذاك المرشد الذي يجلس منتظرًا وقوع الطالب في معضلة أو مشكلة أكاديمية أو تعليمية أو منهجية أو نفسية ويقوم بدورة فقط كـ"حلاّل مشاكل"، وذلك المرشد الذي يملك النظرة الأبوية الإيجابية، والذي يبادر لمساعدة الطلبة على رؤية مستقبلهم من خلال ما يُفكِّرون فيه اليوم ويسير معهم وبهم نحو الاستمتاع بالحياة الجامعية بكل مناحيها، وكما يلخص ذلك "نموذج أوبانيون للإرشاد O’Banion’s Model of Advising والذي يتضمن من ضمن نقاط عدة: استكشاف أهداف الحياة Exploration of Life Goals واستكشاف خيارات المستقبل العملي والمهني.Exploration of Career Options and Choice.
خامسًا: برغم أن الطالب/ الطالبة هو المستفيد الأول من المرشد الأكاديمي، وبرغم أن العرف الأكاديمي المعتبر يحض عليها ويوصي بها، إلا أن الطالب في النهاية هو صاحب القرار في الحصول على تلك الفائدة ولن يطارده أحد في طرقات الجامعة ليجبره على ذلك، لكنه حتمًا سيهرول طلبًا للمساعدة عند أول منعطف صعب يُقابله، وقد يكون الوقت متأخرًا حينذاك.
عليه.. فإنني أود أن أشكر ذلك القاريء الذي دفعني للعودة لموضوع الإرشاد الأكاديمي مرة أخرى، ولنتذكر أن الإرشاد الأكاديمي هو جزء من التقليد الجديد الذي ننادي به جميعًا، وهو أن الطالب هو محور العملية التعليمية، وكل من في الجامعة يجب أن يُفعّل ذلك. ويجب أن نقدم كل ما يمكن من الخدمات لهم، في سبيل أن نرى شباب اليوم وقد استفادوا من كل هذا الدعم وأصبحوا قادة المستقبل الذين نثق بهم.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store