Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حروب المعلومات.. النموذج الأستوني مطلباً

عندما بدأ الحديث قبل سنوات عن حروب المعلومات Syber Wars قلل البعض من أهمية ذلك ووصفوه بأنه مجرد مبالغات تطلقها الشركات الغربية المصنعة للبرمجيات وأنظمة الحماية لابتزاز الدول وبشكل خاص دول الخليج العرب

A A
عندما بدأ الحديث قبل سنوات عن حروب المعلومات Syber Wars قلل البعض من أهمية ذلك ووصفوه بأنه مجرد مبالغات تطلقها الشركات الغربية المصنعة للبرمجيات وأنظمة الحماية لابتزاز الدول وبشكل خاص دول الخليج العربي. لكن ومع التسلسل الدراماتيكي للأحداث الذي تلا ذلك أصبحت الصورة أكثر وضوحاً ولم يعد هناك أدنى شك بأن جبهات القتال التقليدية الثلاث المعروفة (برية وبحرية وجوية)، أضيف اليها جبهة رابعة لا تقل أهمية وخطورة، ألا وهي جبهة "الفضاء المعلوماتي".
هذا التطور أصبح واضحاً للعيان عام 2007 عندما تعرضت دولة أستونيا لحرب معلوماتية كاسحة من قبل روسيا تسببت خلال ساعات قليلة في شل معظم المرافق الحكومية والخاصة لهذه الدولة الصغيرة. درجة الدمار والضرر الصامت وغير المرئي الذي سببته الغارات الروسية كان كبيراً الى حد أمكن معه تسمية أستونيا بهيروشيما الحروب المعلوماتية. وزير الدفاع الأستوني الذي أصبح بعد ذلك وزيراً للتعليم والأبحاث ذكر في حديث له بمؤتمر عقد مؤخراً حول الادارة الحكومية لحروب المعلومات بأن على جميع دول العالم أخذ العبرة من تجربة بلاده المريرة، مؤكداً أن حروب المعلومات ليست حروباً افتراضية ولكنها حروب حقيقية تنشر الرعب بين الناس وتحتم على الدول التي تتعرض للهجوم الرد لحماية مواطنيها ومرافقها.
الرئيس الأمريكي أوباما ذهب الى ما هو أبعد من ذلك في مقال له بصحيفة "وول ستريت جورنال" بعنوان "أخذ حروب المعلومات بجدية"، ذكر فيه أن الهجمات الإلكترونية تمثل اليوم الخطر الأكبر على أمن بلاده، مذكراً بمحاولات جرت لاختراق أنظمة مؤسسات حساسة منها بنوك وشركات مياه وغاز, بل وحتى معامل نووية, ومشدداً على ضرورة جعل الأمن المعلوماتي أولوية قصوى لإدارته.
وبالعودة الى أستونيا فاننا نجد أن الإجراءات التي اتخذتها في أعقاب الحرب الروسية عليها تعد مثلاً يحتذى لباقي الدول، حيث جعلت مواد برمجة الكمبيوتر وأمن المعلومات إلزامية في جميع المدارس والكليات، كما أطلقت برامج مستمرة لتعليم تلك المهارات للشباب بغرض تحويلهم الى أجيال واعية وقادرة على التعامل مع مخاطر الإنترنت وسلبياتها.. ونتيجة لذلك تمكنت أستونيا من أن تصبح في فترة وجيزة أحد أفضل دول العالم في تعليم أمن المعلومات.
الكارثة الأستونية وتزايد حدة الهجمات الالكترونية، إضافة الى نشوب عدد من المناوشات والمعارك المعلوماتية بين بعض الدول كتلك التي حصلت بين أمريكا وايران، وأمريكا والصين, والهند وباكستان، واسرائيل وحزب الله دفعت العديد من الدول لتكوين جيوش إلكترونية نظامية، ومنها كوريا وبريطانيا وإيران والهند والنرويج وغيرها.
إضافة لما سبق يجب التأكيد على أن الحرب النفسية هي أحد أهم مكونات حروب المعلومات، فالفضاء المعلوماتي ألغى تماماً الحدود وجعل الوصول الى أعماق الدول أمراً متاحاً خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تضم تحت سقفها أجيال الشباب الذين يسهل استهدافهم معنوياً بالدعايات والتأليب الخفي وزرع مشاعر اليأس والإحباط في نفوسهم وتأجيج نيران الفرقة الطائفية والمذهبية بينهم.
ان حروب المعلومات هي حقيقة واقعة تستلزم منا الاستعداد ليس فقط بتكوين جيش إلكتروني كامل التجهيز وتعزيز دفاعات أمن المعلومات في القطاعين العام والخاص، ولكن والأهم من ذلك تطبيق النموذج الأستوني لأمن المعلومات في المدارس والجامعات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store