Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

يا سيدي.. نحن مَن نشوّه قيمنا وأخلاقنا

في مقاله الأخير على هذه الصحيفة، استهجن أستاذنا الدكتور عاصم حمدان عرض بعض القنوات الفضائية العربية لعدد من رموز التطرف والإرهاب على شاشاتها، مقارنًا بينها وبين ما حدث في بريطانيا كنموذج، «التي لم تجر

A A
في مقاله الأخير على هذه الصحيفة، استهجن أستاذنا الدكتور عاصم حمدان عرض بعض القنوات الفضائية العربية لعدد من رموز التطرف والإرهاب على شاشاتها، مقارنًا بينها وبين ما حدث في بريطانيا كنموذج، «التي لم تجرؤ قنواتها أن تبث أي لقاء مع أي شخصية تنتمي للجناح العسكري الإيرلندي»، في الوقت الذي «تتسابق قنوات عربية فضائية دولية لظهور شخصيات متّهمة بالإرهاب، أو متورطة فيه، كأبي محمد الجولاني زعيم ما يُعرف باسم جبهة النصرة، التي تمارس سلوكيات بعيدة كل البُعد عن المفاهيم الإسلامية الصحيحة». مشيرًا إلى أن هذا السلوك قد «أثار استياءً بالغًا في الأوساط العربية ووضع علامات استفهام حول انسياق هذه القنوات وراء عواطفها، وميولها الذاتية أكثر من الحرص الذي يفترض أن تبديه إزاء الدماء البريئة التي تسفك في بلاد العروبة والإسلام».
والواقع فإني وبالرغم من تأييدي الكلي لما ذكره أستاذنا، إلاّ أني أضع العبء ثانيًا على تلك القنوات الفضائية، التي يُحركها فضولها الإعلامي، ورغبتها في تحقيق سبق صحفي، وإن كنت أفترض أن تحافظ على ميثاق شرف المهنة وأخلاقها، وأن تقوم بتعرية مثل أولئك، ومواجهتهم بالحقائق لكشف زيفهم وما يقومون به من جرائم بشعة.
أمّا أولاً فأجدني محتارًا في موقف شريحة من العلماء والدعاة في عالمنا الإسلامي بوجه عام، الذين تراخوا عن قول الحق، وأخفتوا أصواتهم في إنكار ما يقع من منكر باسم الله، والرسول من قبل تلك الجماعات، التي تدعي أنها تحارب باسم الشريعة في سوريا، وفي غيرها من بلاد الله، فأخذت على عاتقها ممارسة الافتئات الدائم لصلاحيات الحاكم الشرعي، وقامت بتطبيق ما تسميه حدودًا، ولكن بما يُوافق أهواءها ورغباتها، كأحكام الجلد العبثية التي قامت بنشر بعض صورها عبر اليوتيوب، دون أدنى معرفة شرعية بقواعد أحكام ذلك وكيفية تطبيقه.
وليت الأمر قد اقتصر على الجلد وحسب، بل صارت تـُزهِق الأرواح بالمظنة والشـُّبهة، فتروِّع الآمنين، وتهتك الأنفس، وتقتل الأرواح، باسم الله والرسول، والله ورسوله بريء منهم، ثم أخذت تمارس كل أنواع المُثلـَة المُحرَّمة شرعًا، دون أن تراعي حرمة لجسد، وقيمة لإنسان كرَّمه الله أولاً وتاليًا، والأدهى والأمَرّ أن تقوم بنحر الإنسان المخالف لها وقطع رقبته بوحشية وهو على قيد الحياة، بمواكبة صيحات الله أكبر، ليصبح التكبير اليوم في ذهن كل إنسان غربي أو شرقي غير مسلم، قرين تفجير وعمل إرهابي مفزع. وكل ذلك -للأسف- يحدث ولم نسمع صرخة حق؛ من مَجمَع علمائي أو داعية رباني في عالمنا الإسلامي، يندد بذلك ويرفضه، ويقوم بتعريته وتوضيح البعد الشيطاني فيه.
ثم بعد ذلك نلوم غيرنا بتشويه قيمنا وأخلاقنا، أليس ذلك عجيبًا؟!
zash113@gmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store