Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شِعْبُ الجِرَار .. جزءٌ من التاريخ الميداني لمعركة أحد

شِعْبُ الجِرَار .. جزءٌ من التاريخ الميداني لمعركة أحد

غزوة أحد من المعارك الحاسمة في الإسلام، والتي كان لنتائجها أثرٌ كبير على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جُرح فيها جراحات قوية واستشهد أكثر من مائة شهيد، ولا نتحدث عن المعركة حاليًا ولانتائجها، وإنما

A A
غزوة أحد من المعارك الحاسمة في الإسلام، والتي كان لنتائجها أثرٌ كبير على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جُرح فيها جراحات قوية واستشهد أكثر من مائة شهيد، ولا نتحدث عن المعركة حاليًا ولانتائجها، وإنما نتحدث عن جزء من مكان المعركة، وهو شِعْب الجرار حيث وقعت في مفيضه المتسع عند التقائه بوادي القناة بالسفح الشمالي لجبل عينين (الرماة)، وقد غطي شِعب الجرار حاليًا بالبنيان، والجِرار جمع جرة وهي نقرة في الصخور تحتفظ بالماء طوال العام، خاصةً إذا توالت الأمطار، وهذه الجِرار يطلق عليها (المهاريس) حاليًا، ولها ارتباط بغزوة أحد حيث أُتِيَ بالماء من هذه الجرار (المهاريس) وغسلت به جراح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتوقف دمه الذكي - فداه أبي وأمي ونفسي وكل غالٍ ونفيس- فجاءت فاطمة رضي الله عنها وأحرقت قطعة من حصير وكمدت به الجراح فتوقف دمه الطاهر صلى الله عليه وسلم، وهذه الجرار (المهاريس) شاهد من شواهد غزوة أحد وارتبطت بالغزوة ارتباطًا وثيقًا، وهناك مأثرة أخرى ترتبط بالجرار وبغزوة أحد أيضًا، وهذه المأثرة: مسجد الفسح، وهو من المواقع التي صلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء من غزوة أحد، فعن رافع بن خديج: «إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الصغير الذي يأخذ في شعب الجرار على يمينك لازقًا بالجبل».
(ولم يكن قبل صلاته بالموقع مسجد)، والمسجد حاليًا عبارة عن بقايا من الصخور فقط، وأول بناء له في عهد عمر بن عبدالعزيز يرحمه الله، وذكر هذا المسجد الأثري المتقدمون والمتأخرون من المؤرخين، وقد اكتنفه البنيان حاليًا حتى ضيَّق عليه الخناق من جميع الجهات واندثرت معالمه أو كأن قد، ويجهل أهميته ومكانته كثير من الناس. وشعب الجرار وما حواه من شواهد تاريخية ويأتي في مقدمة تلك الشواهد مسجد الفسح ثم الجرار ذاتها (المهاريس)، يعتبر كل ذلك جوهرة أثيرة لدى كل مسلم ومسلمة، إضافة إلى أنه ساحة من ساحات الغزوة العظيمة (غزوة أحد) التي تنزل القرآن فيها، حيث وُضحت كثيرٌ من الأحكام، ولاسيما ما نزل في سورة آل عمران، كما وردت أحاديث متعددة في الغزوة وفي شهداء أحد، وكل ما ذكر عن هذه المآثر يلزم الجميع الاهتمام بها، وفي مقدمة ذلك الجهات ذات العلاقة. ولاسيما أنها تاريخ واقعي موثق ملموس للأجيال، فهل يندثر أمام الجميع بهذا الشكل؟ وهل تُهمل السيرة بهذه الطريقة؟ فالمسجد (مسجد الفسح) صلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الظهر والعصر جلوسًا لجراحاتهم وما لاقوه في الغزوة...فهل يشكُّ في هذا التاريخ أحدٌ؟ والجِرار وقد ملئت - حاليًا-بالأتربة والقمائم وهي جزء من تاريخ المعركة، ومن يقف عليها حاليًا يتساءل هل هذه الجرار فعلًا...؟ وأرض الشِعب عندما تتسع وتلتقي مع وادي قناة غطيت تمامًا بالبنيان غير المنظم، فالواقع الحالي أضاع شِعب الجرار والجِرار ومسجد الفسح والمعالم الأخرى لغزوة أحد، وقد ذُكِر بأن هناك خطة لجعلها منطقة تاريخية، فإن كان الوضع كذلك فالبِدار البِدار ... حيث يتألم من يعرف أهمية المواقع ووضعها الحالي ويقارنه بما كانت عليه قبل أربعين عامًا عندما كانت بوضعها الطبيعي، ولكن يخفّ ذلك الألم عندما يتذكر صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة المدينة المنورة وما بدر من اهتمام وتنفيذ ميداني - أي: عمل فعلي- للمحافظة على آثار المدينة المنورة ووقوفه شخصيًا على التنفيذ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store