Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جمعيات وهيئات.. بلا دعم وصلاحيات!!

كثرت في الآونة الأخيرة الجمعيات والهيئات التي توصف دومًا بالأهلية أو الخيرية، وتعددت فروعها.

A A
كثرت في الآونة الأخيرة الجمعيات والهيئات التي توصف دومًا بالأهلية أو الخيرية، وتعددت فروعها. ويتعجّب المرء من هذا الكم الهائل، وليس العجب من وجودها، ولكنّه الضعف الشديد الذي ينتابها والإمكانات المتواضعة التي تعتريها، ويبلغ العجب ذروته في عدم وجود صلاحيات لها.
وفي تصوّري أن وجود الجمعية أو الهيئة بدون إمكانية أو عدم منحها الصلاحية يندرج ضمن الوجود الإعلامي فقط، بحيث يقال إن لدينا جمعية أو هيئة تتعلق وتهتم بهذا الشأن، وحقيقة الأمر أنها لا تضيف شيئًا للمشهد بكافة ألوانه وتعدد اهتماماته (الاجتماعي والثقافي...).
ولك أن تتصوّر وجود جمعية أو هيئة لا تتوفر لها قيمة الموقع الذي تستأجره، وليس لديها كادر وظيفي يمكن له الإسهام في تحقيق أهدافها؟
فالعملية إذًا مجرد لافتة واستئجار موقع ومكتب يجلس عليه المدير وسكرتير على أحسن الأحوال، فماذا يرتجى من هذا الحال؟ وماذا سيكون المآل؟
إنه مجرد كائن يحاول أن يقف على قدميه، يسعى جاهدًا للتحرك، يصارع من أجل البقاء، ولكن هيهات هيهات؛ فالحياة يلزمها مقومات، والوصول للغايات يحتاج إلى إمكانيات، فلا يكفي وضع التصوّرات وتوقع النجاحات، ولو تلاشت هذه اللوازم وانتفت الأسس لصدق عليهم المثل القائل:
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له
إيّاك إيّاك أن تبتل بالماء
هذا هو وضع كثير من الجمعيات والهيئات لدينا، حال يرثى له، ووضع مؤسف لا يرتضيه المنصفون، وأتوقع أن من عمل أو شارك في عضوية الجمعيات والهيئات الخيرية يدرك ذلك للوهلة الأولى. وهو ما يدفعنا للتساؤل: ما قيمة وجود كائن بهذا الأوصاف؟ وكيف يمكن أن نتوقع شيئًا من العدم؟ أليس هذا مزريًا وخليقًا بالإصلاح؟
أرجو ألا يعتقد القارئ أنني ضد هذا الوجود، فهو أفضل من العدم قطعًا، ولكن المطالبة بمنح المقومات الأساسية وتوفير الناحية المالية هو ما يجعل لهذه الجمعيات والهيئات وجود فعلي يلمسه المتابع، وهذا لا يحتاج إلى إثبات، فالمال عصب الحياة والصلاحيات سر النجاح.
إن من المؤسف أن تسمع التشكي، ومؤلم أن يكون ذلك هو القاسم المشترك بين معظم الجمعيات؛ ففي الآونة الأخيرة تم افتتاح فرع لهيئة أهلية في منطقة المدينة المنورة كان ينتظرها كثيرون، ولكن بعد زيارتها لم أجد فيها جديدًا، وما سبق ذكره ينطبق تمامًا عليها، فهي حلقة في سلسلة المشهد العام والمنظومة القائمة.
ليت وزارة الشؤون الاجتماعية تفكر جديًّا في الجمعيات والهيئات الأهلية الخيرية، فالعملية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار؛ الدعم المقدّم من الوزارة زهيد جدًّا، والغلاء يضرب بأطنابه، ولكي تنجح الجمعية أو الهيئة فإنها تحتاج إلى دعم قوي من قبل الوزارة، وميزانية الخير التي تم إعلانها قبل أسابيع حوت في طياتها الكثير، وهذا لا يعفي الوزارة ويمنحها العذر في أن تقف في مكانها؛ فما كانت تقدمه قبل عشر سنوات لا يفي في وقتنا الحاجة بأقل الحاجة!
وقد دفع هذا الجمعيات والهيئات إلى التوجّه نحو إيجاد مورد ثابت لها من خلال بناء وشراء الأوقاف، ولكن -كما أسلفت- جاء الغلاء ليقف حائلاً أمام اكتمال تلك المشروعات نظير تكاليفها الباهظة، وقد أعلنت جهة خيرية مؤخرًا عن شراء مبنى يكلّف مئة وأربعين مليونًا، وعند سؤال القائمين عليه عن المبالغ التي جمعت كانت الجواب مخيِّبًا للآمال، فقد بلغت فقط تسعة ملايين، مع كونهم أقاموا حفلاً كبيرًا وبحضور الحاكم الإداري، ووجهوا الدعوات لكبار التجار والموسرين من داخل المنطقة وخارجها!
وليبقى السؤال قائمًا: هل نستمر في إنشاء هيئات وجمعيات بلا إمكانات ولا صلاحيات؟ وإلى متى؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store