Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

معاناة المتحدث الرسمي السعودي

تعتبر حادثة انحراف قطار كويبيك كندا عن مساره في يوليو 2013 أحد أكثر الأمثلة التي أستخدمها عند الحديث عن أهمية وظيفة المتحدث الرسمي وشروطها ومواصفات القائم بها.

A A
تعتبر حادثة انحراف قطار كويبيك كندا عن مساره في يوليو 2013 أحد أكثر الأمثلة التي أستخدمها عند الحديث عن أهمية وظيفة المتحدث الرسمي وشروطها ومواصفات القائم بها. الحادث نتج عنه وفاة 40 شخصاً وتسبب في غضب شعبي كبير وتغطية إعلامية مكثفة. رئيس الشركة المالكة للقطار إدوارد بوخارت ظهر في مؤتمر صحفي وذلك بعد اختفائه لعدة أيام بعد الحادث، لكن ذلك الظهور زاد الأمر سوءا على سوء عندما تحدث بمنطق وأسلوب استفز الجميع ووصفته وسائل الإعلام بأنه يخلو من العاطفة والمهنية.. هذا المؤتمر الصحفي يمكن اعتباره مثالاً جيداً لما لا ينبغي للمتحدث الرسمي القيام به.. ومن أبرز الأخطاء التي ارتكبها:
•التأخر في الظهور عدة أيام مما أعطى انطباعاً سلبياً بأنه يتهرب من وسائل الاعلام.
•عند بداية الأزمة كان ينبغي أن يبادر بالظهور السريع متحدث متمكن على درجة عالية من التدريب والقبول وذلك ريثما يكون فريق الأزمة أكمل تجهيزاته.. هذا المتحدث ليس عليه في البداية تقديم تفاصيل بل مجرد طمأنة الناس والإعلام بأن هناك من يكترث لأمرهم.
• لم يكن مستحسناً تولي الرجل الأول في المنظمة مهمة المتحدث الرسمي لأنه حين يخطىء فلن يكون هناك أحد خلفه يخرج لمعالجة الخطأ.
•تضارب الأقوال، حيث ذكر أولا أن هناك من عبث بأجهزة القطار، ثم قال أن مكابح القطار تعطلت، واتضح أخيراً أن سبب الكارثة هو خطأ من مهندسي صيانة الشركة.
•لم يظهر من نبرات صوته وأسلوبه تعاطفه مع الضحايا وذويهم، وكان منفعلاً وحاداً في ردوده، وعندما سئل عن سبب ذلك أجاب قائلا “أنا مدير ولست مسؤول اتصال”، وقد أخطأ بذلك لأن مهارات الاتصال من أهم مهام المدير الكفء.
وظيفة المتحدث الرسمي في المملكة -في القطاعين العام والخاص- لم تبرز أهميتها الا قبل سنوات معدودة نتيجة للانفتاح الإعلامي سواء على الانترنت أو الفضائيات والتي أبدت اهتماماً مكثفاً بقضايا الرأي العام، والحاجة الى تعزيز الشفافية ومواجهة الشائعات وعرض المنجزات.
تقييم تجربة أداء المتحدثين الرسميين السعوديين لا زالت ضعيفة وتحتاج لمزيد من الدعم والتطوير.. ومن أبرز جوانب القصور ما يلي:
•اعتمادهم على أسلوب ردود الأفعال وتأخر ظهورهم عند الأزمات لوقت طويل تكون “كرة الثلج” فيه قد كبرت لدرجة يصعب التعامل معها، والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أقربها للذاكرة قضيتا ريهام (وزارة الصحة)، ولمى (الدفاع المدني).
•طول المدة اللازمة لحصولهم على المعلومات وافتقارهم للصلاحيات التي تجعلهم قادرين على التفاعل الفوري مع الاعلام ومستخدمي شبكات التواصل.. ومن أمثلة ذلك القريبة حادثة قطار المشاعر في موسم الحج الماضي والتي صاحبها كثير من التهويل والمعلومات المغلوطة التي تأخر الرد عليها كثيرا.
•افتقار كثير منهم للوقت نتيجة عدم تفرغهم لمهام المتحدث الرسمي، وافتقار بعضهم للتدريب واحترافية التواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إضافة لعدم امتلاك بعضهم للكاريزما الاعلامية ومهارات الحديث والإقناع.
•عدم توفير كثير من الجهات للدعم الكافي لمتحدثيها الرسميين، ومن ذلك الموقع الإلكتروني الممتاز ومركز المعلومات وفريق العلاقات العامة المحترف المساند.
•يعاني المتحدث الرسمي لدينا من عدم فهم المجتمع لدوره وحدود مسؤولياته، وهو كثيرا ما يتحمل هجوم وإساءات الجمهور والعملاء خاصة على شبكات التواصل.
هذا قطعاً لا يعني عدم وجود متحدثين رسميين على درجة عالية من الكفاءة والاحترافية، ومنهم (على سبيل المثال لا الحصر) السفير أسامة نقلي رئيس الدائرة الإعلامية بوزارة الخارجية، والذي تخدمه خبرته الطويلة في العمل الإعلامي والدبلوماسي وتواجده الفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store