Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عشر قواعد للتفاوض الناجح

أهداني الدكتور فرانسيس دينج، المندوب الدائم لجمهورية جنوب السودان لدى الأمم المتحدة،

A A
أهداني الدكتور فرانسيس دينج، المندوب الدائم لجمهورية جنوب السودان لدى الأمم المتحدة،
كتاباً من تأليفه بعنوان "السودان على حافة الهاوية"، الكتاب صدر قبل انفصال جنوب السودان وهو يعبر عن وجهة نظر الدكتور دينج الذي كان محبذاً لاستمرار وحدة السودان ولكنه يتفهم دواعي الانفصال ومبرراته على حد تعبيره.
لن أتطرق إلى تفاصيل الكتاب في ما يتعلق بموضوع تقسيم السودان ولكنني اخترت منه جزءاً تحدث فيه الدكتور دينج عن عشرة مبادئ لنجاح التفاوض أو الوساطة، لخصها المؤلف استناداً على خبرته الشخصية الطويلة وعلى ما وصفه بالقيم الموروثة للقبائل السودانية، وهي مبادئ لا تقتصر على العمل الدبلوماسي والسياسي فحسب وإنما تشمل العلاقات الإنسانية على الصعيد الشخصي والأسري والعملي.
أول هذه المبادئ أنه في كل النزاعات لا يوجد حق مطلق أو باطل مطلق، وأن على كل طرف ألا يسعى فقط إلى تفهم وجهة نظر الطرف الآخر بل إن عليه أن يبين بجلاء أنه حريص فعلاً على ذلك.
المبدأ الثاني هو الإفصاح عما في الخواطر فكتمان المشاعر واحتباسها يؤدي بها إلى أن تعاود الظهور وربما الانفجار.
المبدأ الثالث هو الحفاظ على ماء الوجه للطرف الآخر، بل وحتى إظهار الاحترام له بالقدر المناسب، فتبادل الإهانات والشتائم ومحاولة احراج الخصم وحشره في الزاوية لا يؤدي إلا إلى زيادة تشبث كل طرف بموقفه، ويجعل من التنازل رديفاً للهزيمة والانحسار.
المبدأ الرابع هو الإصغاء وإتاحة الفرصة أمام كل طرف لقول ما لديه والحرص على أن يكون الإصغاء مقروناً بمحاولة الفهم.
المبدأ الخامس هو عدم التركيز على الماضي وحكاياته، فمع أن المنظور التاريخي مهم لتفهم أسباب الخلاف وإدراك وسائل التعامل معه، إلا أن ينبغي ألا يظل أطراف النزاع أسرى للماضي وعليهم أن يتطلعوا إلى المستقبل بأسلوب بنّاء وإيجابي.
المبدأ السادس على الوسيط ألا يكون متحيزاً، وإذا كان الوسيط معروفاً بقربه من أحد طرفي النزاع فإن عليه أن يبدي اهتماماً خاصاً بتفهم مواقف الطرف الأبعد والحرص على استيعابها، وعدم التحيز لا ينبغي أن يعني الحياد المطلق، فالوسيط عليه أن يعبر عن وجهة نظره في الوقت المناسب وأن يبين لطرف أو لآخر عدم معقولية موقفه أو مطالبه تجاه هذا الموضوع أو ذاك.
المبدأ السابع على الوسيط أن يكون صبوراً في الاستماع إلى وجهات نظر الطرفين وعليه أن يتدخل أحياناً لشرح موقف أحد الطرفين وإيضاحه للطرف المقابل.
المبدأ الثامن هو أن على الوسيط أن يمتلك أدوات الضغط الملائمة على الطرفين، وألا يتردد في استخدامها بين آن وآخر.
المبدأ التاسع هو أنه مع أن الطرفين المتفاوضين يمثلان مواقف رسمية للجهات التي يمثلانها إلا أن مهارة المفاوضين تتمثل في قدرتهم على الإبداع الخلاق في كيفية صياغة هذه المواقف بما لا يخرج عن إطارها وفي الوقت ذاته يكون أكثر قبولاً لدى الطرف الآخر.
آخر هذه المبادئ هو أن نتيجة المفاوضات ينبغي أن تشتمل على مكاسب للطرفين، وأن نجاح المفاوضات هو النصر الحقيقي لهما، ولا ينبغي لأي من الطرفين أن يسعى إلى التباهي بأنه قد حقق نصراً على نظيره المقابل.
تأملت هذه المبادئ وأنا أتابع محاولات السيد الأخضر الإبراهيمي التوسط في الأزمة السورية، أو الوزير كيري في القضية الفلسطينية، وأترك لكم أن تُقوِّموا أداء هذين الوسيطين والأطراف المتنازعة وفقاً لمبادئ الحكيم فرانسيس دينج!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store