Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

"..أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف"

يوم الاثنين الثالث من ربيع الآخر ١٤٣٥هـ الموافق الثالث من فبراير ٢٠١٤م كان يوماً حاسماً وتاريخياً في معركة المملكة العربية السعودية ضد الإرهاب

A A

يوم الاثنين الثالث من ربيع الآخر ١٤٣٥هـ الموافق الثالث من فبراير ٢٠١٤م كان يوماً حاسماً وتاريخياً في معركة المملكة العربية السعودية ضد الإرهاب والتطرف بشتى أنواعه ومختلف صوره، وذلك حين أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- أمراً ملكياً كريماً بتجريم كل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة العربية السعودية أو ينتمي إلى تيارات أو جماعات دينية أو فكرية متطرفة أو مصنفة كمنظمات إرهابية أو يؤيدها أو يتبنى أفكارها بأي صورة كانت.
وفي قراءة أولية لهذا الأمر الملكي الشجاع نجد تأكيد حرص ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على حماية أبناء الوطن وشبابه من الفتن والانزلاق خلف أعداء الدين والوطن الذين يحاولون النيل منه من خلال زرع الأفكار الهدامة في عقول أبناء هذا الوطن والزج بهم في أتون حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
كما يأتي هذا الأمر الملكي متماشياً مع مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ المجتمع ووحدته وتآلفه والبعد عن التناحر والفرقة التي تشتته وتضعفه، فجاء هذا الأمر استشعاراً منه أيده الله برؤيته الثاقبة بما تعانيه الأُسر من فقدان أبنائها والتغرير بهم في حروب بين جماعات متطرفة وذات عقائد متنوعة.
قرار تاريخي جريء جاء بعد أن واجهنا مواقف لم نخترها، ولكننا وضعنا في قلبها مع تيارات ترسم أهدافها لتمزيق وحدتنا الوطنية حقداً وحسداً..، ولأننا لم نكن على دراية بالوجه الأخير، ولأننا مجتمع متدين بالفطرة، فقد وجد الحاقدون بيئة جديدة لزرع فكر الإسلام السياسي بين الغر من شبابنا.
الأمر الملكي الذي أعلن جاء بالتوقيت الصحيح أمام تنامي العنف المسيس، والذي صار يتجدد بأسماء وصفات وهويات غريبة، تذكرنا بحسن النوايا حين غفلنا عن المجندين باسم الجهاد الذين ذهبوا لأفغانستان لنواجه نواتج العائدين بالتفجيرات وتكفير شعبنا.
رغم ذلك كانت الدولة حانية مع السجناء والمطلوبين، لم تظهر أساليب الإعدامات السرية والعلنية، وإنما شكلت فرقاً ولجاناً للمناصحة.. ولكن الأمر الملكي الجديد أوضح أنه لا هدنة، ولا مواقف متراخية مع هذه الأنماط التي تهدد أمننا الوطني، خاصة بمن تجاوزوا الحوار الهادف، لإعلان المبادئ، ومقاومة أي موقف يضاد توجههم، وهو خطوة تعيد للأمن الوطني قوته، وتفرض هيبة الدولة واحترامها، وتعطي المواطن ثقة في مستقبله.
ومع تناقل وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل هذا الأمر الملكي التاريخي، تأتي أهمية الإعلان عن هذا الأمر كونه يصبح نظاماً ملزماً للجميع ويحاسب عليه كل من يخل به، خاصة وأن هذا القرار يحمل بين طياته معطيات قانونية تتوافق مع دستور المملكة المتمثل في الشرع الإسلامي الحنيف مما سيكون دليلاً ومرشداً لمواطني المملكة الأوفياء المخلصين في التعاون والتآزر والوقوف قلباً وقالباً لهزيمة الإرهاب.
ويوجه القرار ضربة موجعة لقوى الإرهاب حيث تؤكد المملكة بذلك دورها الرائد والفاعل والمهم للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة العربية، ونبذ التطرف، ويضع شعوب الدول العربية والإسلامية في مصاف الدول المتقدمة، ويبرز صورتها المشرفة التي تساهم في ركب الحضارة الإنسانية وخدمة السلام العالمي.
هذا القرار يعتبر خطوة مهمة ونوعية ومتقدمة وذا تأثير قاصم على قوى الإرهاب الخفية والظاهرة في العالم، خاصة عندما تأتي مبادرة القضاء عليها من المملكة العربية السعودية لما تمثله في المنطقة ثقلاً وتأثيراً كبيراً، ويعكس حرص المملكة على تجنب وتشديد منع أبناء الوطن من المشاركة في مثل هذه النوعية من الأعمال الضالة، ويؤكد على مواجهتها ومحاربتها للإرهاب داخلياً وخارجياً، حيث واجهت المملكة خلال السنوات الماضية عمليات إرهابية تمكنت من هزيمتها وأصبحت مثلاً يحتذى في مواجهة الإرهاب وتحقيق مستويات مرموقة من الأمن. كما يمثل رسالة للدول العربية والإسلامية بتعميم هذه الخطوة التي تسهم في تقليص مساحات الإرهاب في المنطقة، مما يكون له تأثيرات على الأعمال الإرهابية في المناطق الملتهبة، وإضافة مهمة لمنظومة القوانين والتشريعات التي تساهم في الحفاظ على المجتمع وأبناء الوطن من التيارات والجماعات التحريضية العابثة.
وقد دعا خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة من عدة وزارات وجهات تختص بإعداد قائمة للتيارات والجماعات، هذا يؤكد أن الأمر ينطلق من سد الذرائع المفضية لاستهداف منهج البلاد الشرعي، وتآلف القلوب عليه من قبل المناهج الوافدة المتخطية لضوابط الحرية، والمستهدفة للأمن، والاستقرار والتي تلحق الضرر بمكانة البلاد وعلاقاتها مع الدول الأخرى، والتعرض للإساءة إليها ولرموزها.
وأخيراً يجب على أفراد المجتمع وخاصة الآباء والأمهات ألا يجعلوا أنفسهم أو أبناءهم حطباً للفتن ووقوداً للمكائد والحروب المضللة، وليكونوا ذاكرين شاكرين حافظين لنعم الله عز وجل التي منحهم إياها (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ). 

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store