Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نوال فارس

لاشك أنَّ أول خطوة في إنجاح العملية التعليمية، هي اختيار المُعلِّم القدوة، الذي يبقى عالقًا في ذهن تلميذه يستمد منه الدافعية للعلم، والتَمثُّل بالأخلاق الحميدة أي المعلم المؤثر، الذي يبقى أثره ممتدًا

A A
لاشك أنَّ أول خطوة في إنجاح العملية التعليمية، هي اختيار المُعلِّم القدوة، الذي يبقى عالقًا في ذهن تلميذه يستمد منه الدافعية للعلم، والتَمثُّل بالأخلاق الحميدة أي المعلم المؤثر، الذي يبقى أثره ممتدًا في نفس الطالب على مدى عمره، ويكون سببًا من أسباب نجاحه في الحياة.
وسأضرب نموذجًا لهذا المُعلِّم الذي كان له أثره في نفس شخصٍ ناجحٍ في حياته العلمية والعملية، إنها الأستاذة الفاضلة نوال فارس، هذه المعلمة التي استطاعت بأخلاقها وحُسن تعاملها أن تظل عالقة في ذهن وقلب إحدى طالباتها لأكثر من أربعين عامًا، وكم كنت استغرب وأعجب من تَعلق أختي الأستاذة الدكتورة راوية الظهار بهذه المعلمة، فهي لا تفتأ تذكرها وتذكر فضلها عليها في كل حين على مدى تلك السنوات الطويلة، ولكن ذلك العجب يزول أمام تلك الرعاية التي أولتها تلك المعلمة لتلميذتها، فقد كانت أستاذتها في المرحلة الابتدائية، وقد لمست تفوقها فشجعتها ورعتها بكل حب صادق استطاع أن يحفر بصماته في قلب الدكتورة، ما أعطاها الدافع والحماس للارتقاء في مدارج العلم.
بعد الانتهاء من المرحلة الابتدائية افترقت الدكتورة عن أستاذتها وفَقدت عنوانها، لكنَّها ظلت تسأل عنها القاصي والدَّاني، ومع شُحِّ قنوات التواصل الاجتماعي في ذلك الزمن لم تفلح مساعيها، حتى جاء عصر النت، والفيس بوك، وتويتر، فشرعت تبحث عنها أيامًا وليالي وكأنَّها ابنة تبحث عن أم فقدتها في سراديب الزمن، حتى وجدت اسم العائلة في فلسطين فراسلتهم وعلمت منهم أنَّها مازالت موجودة في السعودية في مدينة الرياض، وحصلت على رقم هاتفها، ولكن خامرها الشك في تذكر أستاذتها لها بعد هذه السنين الطويلة، وقد مرَّ عليها آلاف من الطالبات، وكم كانت مفاجأتها بأنَّ أستاذتها مازالت تذكرها وكأنَّها لم تنقطع عنها يومًا، وذهبت لزيارتها في الرياض، وكم كانت المفاجأة فهذه الأستاذة تتذكر أفراد العائلة فردًا فردًا، حتى العمات والخالات، كما أخذت تسألها عن أخبار صويحباتها في المرحلة الابتدائية.
من هذه القصة نعلم أنَّ الأستاذ القدوة في ذلك الزمن تتجاوز علاقته بالطالب المجتهد أسوار المدرسة، مُكونًا جسرًا متينًا من التواصل بينه وبين الأهل، ليتمكَّن من رعاية الطالب الموهوب. وقد استطاعت الدكتورة راوية بفضل الله ثم بفضل هذه المعلمة التي كانت سببًا من أسباب تفوقها، أن تحصل على درجة الأستاذية في الفقه، كما حصلت على جائزة الأمير نايف، وجائزة المدينة المنورة.
فهذا هو نموذج المُعلِّم القدوة الذي أقدمه بين يدي وزير التعليم، ونأمل أن يعود إلى مدارسنا، فمثل هذا المُعلِّم يُعدُّ عاملًا من عوامل التنمية، ببنائه أجيالًا مُنتجة تفخر بها البلاد. فبالغ شكري وخالص دعائي للأستاذة الفاضلة نوال فارس، أطال الله في عمرها وجزاها عن العلم وطلابه كل خير.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store