Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إضاءات الجنادرية الفكرية

خط المهرجان الوطني للتراث والثقافة منذ ابتداء مشواره الفكري منهجًا أصيلًا في مناقشة كثير من الموضوعات الساخنة والمهمة على الصعيد الوطني والعربي والدولي، فكان سبّاقا إلى مناقشة موضوعات شائكة على مختلف

A A
خط المهرجان الوطني للتراث والثقافة منذ ابتداء مشواره الفكري منهجًا أصيلًا في مناقشة كثير من الموضوعات الساخنة والمهمة على الصعيد الوطني والعربي والدولي، فكان سبّاقا إلى مناقشة موضوعات شائكة على مختلف الأطر السياسية والاجتماعية وحتى الفكرية والدينية بوجه عام، وهو ما استمر عليه المهرجان حتى اليوم، حيث ناقش المؤتمر الفكري للمهرجان في دورته التاسعة والعشرين موضوع حركات الإسلام السياسي في العالم العربي، وأحسب أنه موضوع مهم وشائك في ذات الوقت.
مهم لكونه بات موضوع الساعة، ولكونه جاء في فترة تمددت فيه مختلف حركات الإسلام السياسي من قبيل حركات التيار السلفي وحركة الإخوان المسلمين في مصر واليمن وتونس وليبيا، وقدم عديد منها نموذجا فاشلا في إدارة شؤون الناس سياسيا واقتصاديا، ولم تتمكن من تحقيق ما تريده تلك المجتمعات من سلم أهلي، فكان أن وقعت فريسة لنظام الإدارة بالتصنيف الذي تحركه مفاهيم أيدولوجية بالدرجة الرئيسة، وهو ما أدخلها في مأزق مجتمعي لم تستطع أن تخرج منه حتى اليوم.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن جراء حالة الفشل والإخفاق التي منيت بها مختلف حركات الإسلام السياسي في إدارة المجتمع وسياسة الناس في عديد من الدول العربية هو: هل يتحمل الإسلام بما يعكسه من عمق معرفي وأخلاقي وما يبشر به من رؤية ربانية، وزر تلك الإخفاقات أم يتحملها المسلمون؟ ثم هل انطلقت جميع الأحزاب السياسية الإسلامية من رؤية ربانية عامة راعت الإنسان بمنأى عن دينه وجنسه؟ أم أنها قد حصرت نفسها في إطار مشروع مذهبي ضيق؟
في تصوري أن الأسلم والأصح أن نصف تلك الحركات بالقول حركات المسلمين السياسية وليس حركات الإسلام السياسي، على اعتبار أن السياسة في تكوينها ومنهجها فعل متغير، في الوقت الذي يمثل الإسلام بمنهجه قاعدة شرعية كلية قوامها سياسيا مجموعة من القيم والأخلاق، التي يتوافق عليها بني الإنسان إجمالا، وبالتالي فظلم أن نحمل تلك القيم الفاضلة وزر فعل متغير، كما أنه ليس من العدل أن ننكر على الآخرين انتهاج منهج قيمي في سياستهم لمجرد انتفاء صفة الإسلامي على مشروعهم السياسي.
ذلك ما وقع فيه منظرو حركات الإسلام السياسي في العالم العربي، الذين أرادوا أن يتكسبوا عمليا من وراء إلحاق صفة الإسلام بأحزابهم، لكنهم بقصد أو غير قصد أساؤوا إلى الإسلام حين حمَّلوه وزر أخطائهم وحُمقهم السياسي.
وهو ما أرادت الجنادرية في هذه الدورة لفت الانتباه إليه، من خلال ما تداخل به كبار كتاب ومفكري عالمنا العربي، الذين التحم وثاقهم في رحاب المهرجان، فكانت الجنادرية بوهجها وعمقها التراثي إضافة لهم، وكانوا بصفاء ذهنهم إضاءة تلامس معها كل ضيوف المهرجان.
فشكرًا لسمو وزير الحرس الوطني وللقائمين على فعاليات المهرجان بمختلف أصعدته.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store