Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الطميحي نموذجا

دائمًا ما أتحدث لزملائي الإعلاميين -من الشباب المبتدئين خاصة- عن أهمية أن يبني المرء نفسه بشكل صحيح، وأن يُطوِّر من قدراته بشكل منهجي، وأن يحرص على مواكبة مسيرته العملية بعينٍ ناقدة لا مُعجبة، ونفس

A A

دائمًا ما أتحدث لزملائي الإعلاميين -من الشباب المبتدئين خاصة- عن أهمية أن يبني المرء نفسه بشكل صحيح، وأن يُطوِّر من قدراته بشكل منهجي، وأن يحرص على مواكبة مسيرته العملية بعينٍ ناقدة لا مُعجبة، ونفس لوّامة لا مُزكّية.
يعلم ذلك كثير من المقرّبين مني، وذكرت ذلك نظريًّا مرارًا عبر عديد من برامج التلفزة المتنوعة، غير أني في هذه المرة سأتكلم من واقع عملي محسوس، واقع لامسته عن قرب، بحكم تشرّفي برئاسة اللجنة الثقافية بمعرض الرياض الدولي للكتاب، وإشرافي اللصيق على البرنامج الثقافي اليومي بالمعرض.
النموذج الذي أحببت أن أجعله عنوانًا، ويستحق ذلك وأكثر، هو الإعلامي السعودي الكبير "محمد الطميحي"، الذي ابتداءً لم يتوانَ عن تلبية الدعوة والمجيء بطريقته الخاصة، ليقوم بإدارة إحدى أهم جلسات البرنامج الثقافي الموسومة بعنوان "الإعلام الجديد.. منهجية النقد وإلغاء السرية"، على الرغم من انشغاله بمرافقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في رحلته المكوكية صوب الشرق.
لكن ليس مربط الفرس هنا، فقد شاركه العديد من الضيوف في ذلك، ولا أملك نيابة عن زملائي إلاَّ أن أتقدم إليهم بجزيل الشكر والعرفان. القصة تتمثل في حرصه ابتداءً على التواصل مع الضيوف قبل بدء الجلسة بأيام معدودة، حيث هاتفهم، وتحدّث معهم في ملامح ما يمكن أن يتحدثوا به، ثم حرص على أن يكون معي أولاً بأول حال متابعة سير رحلتهم، وترتيب مكان إقامتهم، واصطحاب بعضهم ممّن أراد مسايرته للوصول إلى معرض الكتاب، حيث يتم عقد جلسات البرنامج الثقافي.
وحال وصوله قام بالتواصل مع مخرج القاعة، مطمئنًّا على مختلف اللواقط الصوتية لمن سيكون بجواره من المتحدثين، ومتابعًا لجاهزية الضيفة المتحدثة وهي الإعلامية "رانيا سلامة"، التي خُصّص لها مكان في قاعة السيدات.
كان واضحًا عليه الاهتمام بأدق التفاصيل، كزاوية الكاميرا مثلاً، بل إنه قام بزيارة غرفة الكونترول لمعرفة كيفية التواصل مع الزميلة الإعلامية، ولم يكتفِ بذلك، بل حرص على أن يخرج إلى الجمهور في الجادة الرئيسة لمعرض الكتاب، ليطلب منهم الالتحاق بقاعة الندوة والمشاركة في الحوار.
ناهيك عن حرصه على ديناميكية الحوار بأسلوبه المتميّز، الذي لم يشاركه فيه باقتدار سوى المفكر والكاتب د. عبدالمحسن هلال، ذلك الذي أبدع في إدارته الحوارية لندوة "نحو مشروع حضاري وطني"، فكانت أشبه بندوة حوارية متلفزة باحتراف.
على كل ما ذكرته كان جزء من فعل مهني كبير رأيت تفاصيله واقعًا، وشاركت في متابعته جنبًا إلى جنب، وكان تطبيقًا عمليّاً تمنّيت لو أن كثيرًا من الإعلاميين الشباب عايشوه، وكم هي أمنيتي أن يقتدي به العديد من الإعلاميين الكبار في وطننا، فما أجمل أن تكون صادقًا مهنيًّا فيما تقوم به.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store