Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين الطالب الجامعي.. وأستاذه (2)

في مقالي الأسبوع الماضي بين الطالب الجامعي.. وأستاذه "1"، تناولت بشكل عام السمات العامة والنمطية لكل من شخصيتي الطالب والأستاذ الجامعيين.

A A
في مقالي الأسبوع الماضي بين الطالب الجامعي.. وأستاذه "1"، تناولت بشكل عام السمات العامة والنمطية لكل من شخصيتي الطالب والأستاذ الجامعيين. لذلك كان لزاماً عليَّ أن أفرد لكل منهما مقالاً أتناول فيه شخصيته بشيء من التفصيل، عطفاً على ما جاء في المقال السابق. وذلك بهدف استعراض كيفية الاستفادة من مميزات تلك الشخصية بقدر الإمكان. وسأبدأ بالطالب الجامعي، وللتذكير قلت عنه في مقالي السابق أنه:
* شاب في مقتبل العمر ممتلئ نشاطا وقوة وحماسا.
* حين أكمل المرحلة الثانوية، توجّه كل من حوله من الوالدين والأقارب والزملاء والأصحاب، بتاج الثقة، ورأوا فيه رجلاً بدأ الكل يستمع إليه، ولآرائه وقدرته على الحكم على الأشياء، ولا سلطة لأحد على أحد.
* حين قدم إلى الجامعة، لا يرى أنه قد بقي من سلطة المدرس شيئا، فقد تركها وراءه في الثانوية.
* يملؤه الإحساس بدعم من حوله وإعجابهم به، وقد بدأ يُكوّن آراءه الشخصية في كل ما حوله من أحداث.
دعوني أسأل نفسي وإياكم، أهذه صفات إيجابية أم سلبية؟ إنني أراها وبكل صدق قمة الإيجابية، وهي ما أتمنى أن أراه في كل طالب بالجامعة. لكن كيف يمكن للطالب وأستاذه أن يستكشفوا تلك الصفات والمميزات، ويستغلونها ويحولونها إلى قدرات إبداعية ودوافع للتفوق والتميز؟ في رأيي أنه يمكن ذلك على النحو التالي:
1- هذا الشاب الممتلئ نشاطا وقوة وحماسا، لو اقتنع بما يُطرح عليه من مواضيع وقضايا لسخّر جُلّ وقته وجهده فيما اقتنع فيه، وإثبات قدراته والإبداع فيه. خصوصا لو صاحب ذلك إذكاء روح التحدي فيه، ودعوته لاستكشاف المجهول والخروج به من رتابة التلقين. يمكن أن يكون ذلك باستحداث وتطوير المناهج لتصبح مشروعات دراسية، وأنشطة لا صفيّة في أندية علمية. هذا بالإضافة لما يمكن أن يجده في العشرات بل المئات من المواد الاختيارية غير النمطية التي تقدمها له الجامعة.
2- ما دام أنه، أي الطالب، قد منحه الكلّ ثقتهم، وأدخلوه في نادي الناضجين وصانعي القرار في مجتمعهم الصغير، فلِمَ لا نوليه نفس الثقة، ولِمَ لا نجعله شريكا كامل الشراكة في عملية التعلم! لِمَ لا يشارك في تحضير مادته العلمية؟ لِمَ لا نتركه يقدم الندوة أو المحاضرة ضمن مجموعته الدراسية الصغيرة؟ لماذا وإلى الآن نعتبره عنصراً سالباً لا يفهم إلا بالتلقين، كل المطلوب منه أن يظل مستمعاً يتلقى المعلومة ليحفظها لوقت الاختبار، ثم بعد ذلك يكون مصيرها النسيان.
3- نعم لا سلطة لأحد على أحد أبدا، فالطالب شريك كامل الشراكة في الجامعة، كلّ الجامعة. فلو استشعر أن هذا الأستاذ أو ذاك يفيض خلقا وتهذيبا، يزين كل أعماله بالابتسامة وروح التواضع ولين الجانب والمسارعة إلى المساعدة والدعم وتقديم الرأي والمشورة والنصح بكل حب وإخلاص، لو فعل الأستاذ كل ذلك لملأ على الطالب قلبه وأحاسيسه، ولأحبه وأحب العمل معه وبالقرب منه.
الطالب هو إذاً شخصية تبحث عمّن يُشكِّل لديها قناعة علمية وأخلاقية وتربوية. وحين يُقدم على بناء علاقاته الأولى بالجامعة؛ فهو يتحسس طريقه بالكثير من الحذر والترقب. ويكفي أن يُصدم مرة واحدة من أحدهم لكي ينكمش على نفسه، ويصبح سلبياً على أقل التقديرات، هذا إن لم يتحول إلى شخصية ناقمة، بل حتى عدوانية.
أخلص إلى القول: إن الطالب الجامعي، حين ينتقل من بيئته الصغيرة إلى رحاب بيئة الجامعة، يكون كمن يسافر للمرة الأولى في حياته من قريته الصغيرة إلى المدينة الكبيرة. فبقدر خوفه وحذره وإحساسه بالغربة، إلا أنه يكون سعيدا جدا ومزهوا بهذه المرحلة الجديدة في حياته. فهلا عملنا على إبقاء روح الإبهار والتحفيز والتحدي والطموح في هذا المسافر الذي حطّ رحاله بجامعاتنا، ولنجعل من رحلته تلك مزيجاً من المتعة والفائدة العظيمة، ولنتركه يغادر الجامعة بالكثير من الذكريات الجميلة، ومزوداً بالخبرات العلمية والحياتية التي تبقى معه، تنير درب حياته وتُشكِّل مستقبله؟.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store