فاجأنا معالي وزير الإسكان بتصريحه الناري الذي لا يُمكن أن نجد ما يشفع له أن يُمرَّر مرور الكرام من جهة ، وأن نتقبله – نحن – المواطنين الذين استبشرنا بإنشاء هذه الوزارة وعوَّلنا عليها الكثير والكثير للخروج من مأزق السكن من جهة ثانية ، فقد يسأل سائل : لماذا لم يُقنعنا هذا التصريح ؟ فالجواب على ذلك يتلخص في أن مثل هذه التصريحات - للأسف الشديد - تتعامل مع الوعي الجمعي وكأن أفراده يعيشون في غياهب الجهل ؛ فالعقليات التي كانت تُصفق لمثل هذه الفلاشات الإعلامية المُدغدغة للمشاعر تلاشت تماماً من مجتمعنا ، ولم يعد لها وجود ، فمثل هذه التصريحات لا تؤدي مفعولها في عدول المواطنين عن المُطالبة بحقوقهم التي ضمنتها لهم الدولة.
لذا من الطبيعي جداً أن يُحدِث هذا التصريح مثل هذه الردود ، سواءً من المواطنين العاديين الذين لم تَعُدْ تقنعهم مثل هذه الرسائل التي تربط مُستقبلهم بسراب لن يتحقق ، أم من الكتاب الذين تناولوه بالنقد اللاذع لأنهم صوت المواطنين الذي ينطق باحتياجاتهم ويُنادي بحقوقهم ، بل يجب أن يتجاوز هذا الدور ضرورة مطالبة المسؤولين بمراعاة مشاعر المواطنين في خطوة تستهدف كف الإيذاء النفسي عن المُستفيدين من الخدمات التي تُقدمها جهات أولئك المسئولين أولاً ، ولفت الانتباه لهم – أي المسئولين – للعودة لتنظيماتهم والعمل على تطويرها وتفعيلها بشكل عملي تَظْهَر نتائجه على أرض الواقع .
إذن الواقع المُعاش يتعارض مع تصريح معاليه المُتضمن حصول " كل " وليس " بعض " من قام بالتسجيل في البرنامج الإلكتروني على السكن الخاص به بعد سبعة أشهر لاعتبارات موضوعية يُمكن إيجازها في :
1- عدم وضوح إستراتيجية الإسكان سواءً أكانت قصيرة المدى أم بعيدة المدى لحل هذه المُعضلة – عمليِّاً وليس تنظيراً - التي يُعاني منها حوالي 40% من المواطنين قابلة للزيادة في ظل تزايد قوة الشباب ؛ فالمُطلع على منهجية الخطة الإستراتيجية للوزارة يجد أنها تضمنت إقامة ورش عمل استمرت لمدة ثلاث سنوات ، حيث بدأت من 17/3/1431هـ إلى 15/4/1434هـ ، مما يعني أن الدراسة انتهت منذ سنة ولم يرَ الواقع مُخرَجاً فعلياً سوى تصريح معالي الوزير !
2- عدم توافر بوادر حل يلوح في الأفق سوى الإعلان عن استلام الوزارة لمساحة مقدارها كذا مليون متر مُربع من البلديات والأمانات في المناطق والمُحافظات ؛ فهل بدأ العمل في هذه المواقع ولو حتى على مستوى البنية التحتية بهدف إقناع المواطنين بأن ثمة أملاً بدأ يتحقق ؟!
3- هل أخذت الوزارة في خططها بعين الاعتبار النمو السكاني المُتعاظم بناءً على ما أفرزته الإحصاءات التي أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط في التعداد العام للسكان والمساكن الأخير والذي بيِّنت أن ما نسبته 65% من الشعب السعودي يقع – عُمرِّياً – بين 17 – 24 سنة ؛ الأمر الذي يُصعِّب من حل المُشكلة إذا ما سلَّمنا بأن كل هؤلاء سيكونون مستحقين للسكن المُستقل في غضون 5 – 6 سنوات على أبعد تقدير .
هانحن نعترض على ما تناقلته وسائل الإعلام من تصريح لوزير الإسكان ، ومع عدم الاقتناع بما قاله إلا أنني أتمنى أن يستطيع تحقيق ما صرَّح به ؛ عندها سأكتب – هنا – مقالاً يتضمن اعتذاراً صريحاً مني ، ومدبجاً لمعاليه كل عبارات الشكر والتقدير عن الوقوف عند كلامه ؛ لأن الهدف من النقد – يعلم الله – ينطلق من قول المولى جل وعلا على لسان شعيب " إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاّ بِاللّهِ " .
سئمنا الوعود الرقمية..يا وزارة الإسكان !!
تاريخ النشر: 16 مارس 2014 02:59 KSA
فاجأنا معالي وزير الإسكان بتصريحه الناري الذي لا يُمكن أن نجد ما يشفع له أن يُمرَّر مرور الكرام من جهة ، وأن نتقبله – نحن – المواطنين الذين استبشرنا بإنشاء هذه الوزارة وعوَّلنا عليها الكثير والكثير لل
A A