Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عن أوروبا.. وتاريخ الإرهاب !

* التاريخ يعيد نفسه، في المرة الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة. (كارل ماركس).

A A
* التاريخ يعيد نفسه، في المرة الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة. (كارل ماركس).
* عندما وطئت قدما (كريستوفر كولومبس) وعصابته من الغزاة الإسبان الأرض الجديدة (أمريكا)، فإنّ أول صدمة تلقاها ذلك اللص -الذي ضل طريقه فدخل التاريخ- هي طيبة وبراءة ولطف السكان الأصليين الذين سماهم خطأً (بالهنود الحمر).. ولأنهم لم يكونوا قد تلوثوا بفيروسات أوروبا، فقد استقبلوا كولومبس وعصابته بكرم وترحاب بالغين، وأبدوا لهم أجمل مظاهر السلوك الإنساني الخيّر، ولهذا فإنّ من الخطأ الاعتقاد بأن ما حدث لسكان أمريكا الأصليين من مجازر، فيما بعد، كان بسبب عدم معرفة الإسبان بهم.. فالسبب الحقيقي هو الطغيان والجشع والإرهاب الأوروبي الذي نقله الغزاة من القارة العجوز!.
* (كولومبوس) نفسه كان قد كتب إلى ملك إسبانيا يقول: "إن السكان الأصليين طيبون، ومسالمون للغاية.. وأقسم لجلالتك أنّه لا توجد على وجه الأرض أمّة أفضل منهم، فهم يتحدثون بعذوبة ولطف دون أن تفارق الابتسامة شفاههم، ومع أن أجسادهم شبه عارية، إلاّ أنّ سلوكهم محتشم جدًا"!!. لكن وبرغم هذا الثناء إلا أن الأمور سرعان ما تحولت إلى بحيرات من الدم، بعد أن فُهم سلوكيات الهنود النبيلة على أنّها ضعف وهمجية، فهجم ملايين الأوروبيين عليهم ليفرضوا طريقة حياتهم بالقوّة على أولئك الناس الطيّبين؟.
* إذا كان الإسبان هم أول من مارس الإرهاب فوق أراضي العالم الجديد، فإن ثعالب السياسة الإنجليزية هم أول من مارس الخيانة والخداع هناك، ففي سبيل إنشاء مستوطنة في (جمس تاون) قام الإنجليز بوضع تاج على رأس زعيم قبيلة (البوهاتانس)، وبهذه الحيلة أصبح الزعيم مذبذب الولاء بين الإنجليز وبين أبناء قبيلته الذين صبروا حتى توفي زعيمهم، فهبّوا لدفع المستعمر الإنجليزي من حيث أتى، لكنهم جوبهوا بتهمة الإرهاب والتوحش، وبالبارود والمدافع التي لا قبل لهم بها، ما أدّى إلى فناء معظمهم، على أيدي رسل الحضارة! (ألم أقل لكم إن التاريخ عندما يكرر نفسه يصبح مأساة).
* المضحك أن أوروبا التي مازالت ترفع تهمة الإرهاب في وجه كل مدافع عن كرامته وأرضه هي أكثر من لطّخ وجه هذه الأرض بالدماء، ولا يشهد التاريخ أن دولة منها عفّت عن الإرهاب إلاّ في حالة عدم قدرتها عليه.. حتّى سويسرا، تلك المصرفية الحسناء ذات الشيكولاته والساعات الأنيقة، كانت قبل أربعة قرون قد أغرقت أوربا كلها بالدّم، ولم يوقفها إلاّ تقطيع أوصالها.
* إن سألتم بعد كل هذا عن أمريكا؟ فهي ليست سوى بقايا جينات أولئك الغزاة الأوروبيين المدجّجين بالطمع والكذب والإرهاب؟!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة