Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين الطالب الجامعي.. وأستاذه (3)

في مقالين متتابعين تحدثتُ عن العلاقة "بين الطالب الجامعي.. وأستاذه"، حيث تطرّقتُ في المقال الأول لكل من شخصيتي الطالب والأستاذ الجامعيين على العموم، أما المقال الثاني فكان عن الطالب تحديدًا.

A A
في مقالين متتابعين تحدثتُ عن العلاقة "بين الطالب الجامعي.. وأستاذه"، حيث تطرّقتُ في المقال الأول لكل من شخصيتي الطالب والأستاذ الجامعيين على العموم، أما المقال الثاني فكان عن الطالب تحديدًا. وانتهيتُ إلى أن الطالب الجامعي شخصية تبحث عمّن يُشكِّل لديها قناعة علمية وأخلاقية وتربوية. ودعوتُ إلى إبقاء روح الإبهار والتحفيز والتحدِّي والطموح لدى الطالب، وأن نسعى لجعل مسيرته الجامعية مزيجًا من المتعة والفائدة العظيمة. لكن يبقى السؤال، من الذي يُحقِّق كل ذلك للطالب ومعه وبه؟!.. لذلك فإنني هنا سأنتقل إلى الأستاذ الجامعي.
ابتداءً: ما سأُقدّمه عنه ليس محاكمة له، أو حطّا مِن قدره، فأنا أصلا أحد أولئك الأساتذة، والحديث يشملني مثل ما هو مُوجّه لعموم الأساتذة!. في المقال الأول قلت عن الأستاذ أنه:
* يرى نفسه الأنضج تجربة والأكثر معرفة بدروب الحياة ومساربها وكيفية التعامل فيها.
* يرى نفسه الأكثر علمًا وتخصصًا في مادته التخصصية، والشخصية المرجعية الذي ينبغي للطلبة التسليم له، بل والانقياد لطريقته في معالجة الأمور.
* يرى أن قوله هو الفصل الذي لا قول بعده، ومن يبدي من الطلبة رأيًا آخرًا، قد ينظر له الأستاذ على أنه شيء من العقوق والخروج عن المسار الصحيح.
قبل أن أُبدي رأيي فيما قدّمت (اتفاقا أو اختلافا)، دعوني أولا استعرض بعض ما جاء في الدراسات التربوية عن موضوع مقالنا هذا "الأستاذ الجامعي"، وكيف يتوقعه الطلبة والمجتمع والباحثون:
* اتفقت دراسات كل من (خلفان، 1999) و(عبود، 2005) و(غزيوات، 2005) على:
(ضرورة تأكيد أعضاء الهيئة التعليمية بالجامعات على السلوك الإنساني في علاقتهم بطلبتهم، انطلاقا من الاهتمام ببناء ذات الطالب وتحقيق إنسانيته، من خلال المواقف التعليمية والممارسات التدريسية. فإذا أحب الأستاذ طلبته واحترمهم وعاملهم على أساس أنهم أبناؤه وأخوته وحرص على تعليمهم وإرشادهم ومساعدتهم فيما يُصادفونه من مشكلات، وكان لهم في كل ذلك نموذجاً يقتدون به، فإنهم يستجيبون له ويحترمونه ولا يتغيّبون عن درسه، ويميلون للمادة العلمية التي يدرسونها معه، بل ينصرفون إلى دراستها بجدية، مُحقِّقين تحصيلًا علميًا ونتائج أفضل).
* وتلخص د. نورية العبيدي في مؤتمر التعليم الجامعي وسبل الارتقاء به في 2013م "سمات المدرس المفضل لدى طلبة الجامعة" كما أوصت بها دراسات عالمية مختلفة في ما نصه:
(كن عادلا بين الطلبة، واجعل اتجاهاتك إيجابية نحوهم، ولتكن لك اللمسة الشخصية، وتحلَّى بروح الفُكَاهة وكن مُبدعا وخلاَّقا، واعترف بخطئك إن أخطأت، وكن متسامحا، محترِمًا للطلبة، محافظًا على توقّعات مرتفعة بشأنهم، مظهرًا الحنان، ومطورًا لإحساس الانتماء بين الطلبة. فإن العمل لتضمين هذه السمات في منهاجِ العمل اليومي، وضبطِها ووضعِها في التطبيق، سوف يُؤكِّد بأن الطلبة لديهم جامعة بخبراتٍ إيجابية كما في الجامعات الناجحة).
وهنا يبرز السؤال المهم: هل يملك أساتذة الجامعات الأفاضل، القناعة والاستعداد والحماس أن يكونوا كما قدمت الدراسات التربوية أعلاه؟، أم أن بعضًا منهم يعتبر التخلّق بما ذُكر من الصفات أو بعضًا منها انتقاصًا لهيبته وسطوته، وحطًّا من قدره، وابتذالًا لمكانته وهيمنته؟! هل ما يزال البعض منهم يتصور نفسه "الحاكم بأمره" ولا راد لأحكامه على الطلبة توبيخا وطردا وترسيبا؟!.
إننا مطالبون كأساتذة في الجامعات أن نمارس دورًا إنسانيًا وأخلاقيًا مختلفًا عما كان يُمارس سابقًا، وجامعاتنا مُطالبة أن تساعد عموم الأساتذة على الارتقاء لهذا المستوى المأمول بكل السبل الممكنة. إن تشويه شخصيات طلبتنا بممارسات غير مقبولة من بعض أساتذتهم أمر لا تحتمله مجتمعاتنا. فنحن جميعا نعوّل على تكوين شخصيات سوية تخرج من الجامعات لتساهم في نهضة البلد وتقدمه.. وفي مقالي الختامي القادم سأتصور وضعًا مثاليًا لتلك العلاقة بين الطالب وأستاذه.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store