Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

السيئ سيئ بطبعه لا بجنسه!

الحُكم على جنسٍ من الأجناس بسوء الطَّبع، وسوء الأخلاق، أمرٌ بِتنا نُمارسه على الدَّوام، فبمجرد ما تُذكر جنسية بعينها حتى يبدأ الجمع الحاضر والغائب في بيان مَثالبها، وعيوبها المتوارثة من الألسن، وكأنَّ

A A
الحُكم على جنسٍ من الأجناس بسوء الطَّبع، وسوء الأخلاق، أمرٌ بِتنا نُمارسه على الدَّوام، فبمجرد ما تُذكر جنسية بعينها حتى يبدأ الجمع الحاضر والغائب في بيان مَثالبها، وعيوبها المتوارثة من الألسن، وكأنَّ المتحدثين هُم شعب الله المختار، المبرؤون من كل عيب، المنزَّهون عن كل نقيصة، فتلك الدَّولة أهلها سَحَرةٌ لا يَذهب إليهم شابٌ أو عجوزٌ إلاَّ سحروه، واختطفوه، وزوَّجُوه بناتهم، وكأنَّ هذا الشخص لم يذهب إليهم باختياره، ومحض إرادته، أو كأنَّه ليس بيننا مَن يَذهب إلى السَّحرة لإيذاء النَّاس الآمنة، والشاهد ما تُصرِّح به هيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر التي تتعقَّب السَّحرة، ومَن يتسوَّل على موائدهم المتعفنة، وكم أظهرت لنا وسائل الاتّصال المختلفة بالصَّوت والصُّورة مشاهد لأعمال سحرية استُخرجت من أعماق البحر.
وتلك الدَّولة يُمارس أهلها النَّصب والاحتيال، وكأنَّه ليس بيننا مُحتال، ونسينا ما تنشره صُحفنا من أخبارٍ عن هوامير نصبوا على ضعفاء، ونهبوا جيوبهم، وامتَّصوا دماءهم بمشروعات وهميَّة خادعة.
وتلك الدَّولة أُناسها أغبياء يمتازون بالعبط، وقلة التفكير، وكأنَّ الناس في ديارنا، ضربوا الرَّقم القياسي في الذَّكاء، فَهُم من فَرط ذكائهم يسكُنون القمر، ويتنزَّهون يوميًّا في الفضاء على ظَهر المجَرَّات، وهم في دأبٍ يخترعون الآلات التي عجز عنها الشرق والغرب.
وأولئك الأقوام ثِقالُ الظِّلِّ، مُكفَهِرَّةٌ وجوههم، لا يُرحّبون بالغريب، ولا يُكرمون الضيف، ما يعني أنَّ الابتسامة لا تفارق وجوهنا، والعبس لم يفترش ملامحنا قط، وكل غريب بيننا يصبح فردًا من أفراد العائلة، حيث نلقاه مهللين مرحّبين، فينسى بيننا أهله، وأعز حبيب لديه.
وتلك الجنسية تشتهر بالبخل الشديد، وكأنَّنا نافسنا حاتم الطائي في كرمه، وجابر عثرات الكرام في واسع عطائه، فالفقر ليس له محل بيننا، فجميع النَّاس يقطنون القصور، ويركبون أفخم السيَّارات، حتى أنَّ الزكاة فاضت، ولم تجد مستحقًا لها.
متى نصحو من سكرة غفلتنا هذه؟ ونَعي أنَّ الخير موجودٌ في كل الشعوب، وكذلك الشَّر موجود في كل الأمم، وكذلك الذكاء والغباء، والبخل والكرم، وغلاظة الطبع، وسماحة المعشر لا تختص بها أقوامٌ دون أقوام. فكم التقينا وتعارفنا بأُناس ليسوا من رَبْعِنَا فأحببناهم من قلوبنا، نحزن لفراقهم، ونفرح بلقياهم، لأنَّنا نؤمن أنَّ السيئ سيئ بطبعه وليس بجنسه، والسيئ هو من لم يعِ قوله تعالى: (وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store