Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جامعة الأميرة نورة .. وشرط الابتعاث

تابعت مؤخرًا تصريحات إدارة جامعة الأميرة نورة والمتعلقة بخصوص الابتعاث الخارجي، لا أنكر أن وضوح الرؤية في التعبير أمر يستحقون عليه الشكر، لكن منبع الرؤية نفسها يحتاج إلى تحليل، المسار الابتعاثي بروحه

A A
تابعت مؤخرًا تصريحات إدارة جامعة الأميرة نورة والمتعلقة بخصوص الابتعاث الخارجي، لا أنكر أن وضوح الرؤية في التعبير أمر يستحقون عليه الشكر، لكن منبع الرؤية نفسها يحتاج إلى تحليل، المسار الابتعاثي بروحه الوطنية هو اكتساب الخبرات الخارجية وصهرها في الداخل السعودي لمزيد من التقدم والازدهار، لكن أن يكون الالتزام بالنص بعيدًا عن الجوهر هو انحراف بحد ذاته وجب على إدارة الجامعة أن تعترف به أولًا ثم تعالجه ثانيًا.
إصرار الإدارة على الابتعاث الخارجي أمر يفقد الفكرة برمتها روحها الإيجابية، لأن الأساس في الابتعاث ليس فقط إعطاء الفرصة لاكتساب الخبرات الخارجية وإنما أيضًا للاستفادة من الطالبات اللواتي يمتلكن مواهب إبداعية وإعطائهن الفرصة المناسبة لتسخير هذا الإبداع، لذلك هناك نوعان في فكرة الابتعاث بشكل عام الأول توفير فرصة لمن يرغب والثاني توفير فرصة لمن يملك هبة من ربه ولمحات إبداعية خلاقة، لكن حين يصل الأمر إلى شرط الابتعاث الخارجي فإن المبدعات الموهوبات اللواتي لديهن من الأسباب ما يمنع سفرهن إلى الخارج سوف يفقدن الفرصة وبالتالي سوف يفقدهن الوطن في مسيرة بنائه ونمائه.
لا يوجد في الحياة شروط ومحددات مطلقة، بل كافة جوانب الحياة أمور نسبية تعتمد على الظرف والإمكانيات، وشرط الإدارة المطلق حصر الابتعاث الخارجي فقط فيمن لديها القدرة على السفر أولًا ثم الرغبة ثانيًا ثم الموهبة ثالثا، وقد تبتعث قدرة ورغبة وتفقد موهبة بهذه السياسة المتعنة، الأنظمة والتعليمات وضعت للتسهيل، علينا أن نكون مرنين في كل ما يتعلق بشؤون الوطن والنظر إلى كل ما يمكن تقديمه من باب خدمة الوطن ورد جميله ما أمكن، لكن أن نضع العقدة في المنشار! ان التي لديها الموهبة والابداع وليس لديها القدرة على السفر فإما تسافر وتنكر واقعها أو تصمت لأنها إن اشتكت أو تذمرت فهي ضد روح الوطنية.
ما ارتكزت عليه إدارة الجامعة إن هذا اسمه برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، فأود هنا أن أذكرهم ان برنامج الابتعاث الداخلي أيضا اسمه برنامج خادم الحرمين الشريفين، لذلك فإن اللعب على هذا الوتر ليس إلا ضرب في الفكر الاحادي، جامعة الأميرة نورة مشروع عظيم وفكرة عظيمة قدمتها القيادة للوطن هدية وأنموذجًا يحتذى واحترامًا لنصف المجتمع المرأة، لكن أن يكون سببًا في قتل الأحلام ولو حتى حلم امراة سعودية واحدة فإنه هو الانحراف عن المسار الذي أنشئت الجامعة أساسًا من أجله.
فتاة سعودية لديها موهبة تخدم الوطن، لكن لديها ظرفًا خاصًا كخدمة والدتها يجعل سفرها أمرًا مستحيلًا، فتطلب أن تتحول من ابتعاث خارجي الى داخلي ويرفض الطلب بحجة إن ادارة الجامعة لن تتنازل، فهذا ظلم لها، كان على ادارة الجامعة أن تعلن أنها لن تتنازل عن الابتعاث الخارجي لكن في حالات وظروف معينة أو وجدت فيه ان الخير سيكون أكثر للوطن في الابتعاث الداخلي فإنها ستقدم هذه الفرصة لمن يحتاجها، الادارة كما السياسة هي بكل بساطة فن الممكن، والنص المطلق دائما ما يقتل الروح الطموحة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store