Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شهادات الاعتماد أهي غاية أم وسيلة 1/2

العالم اليوم في سباق محموم للحصول على شهادات الجودة والاعتماد الدولية في جميع المجالات التعليمية والصحية والتجارية... اذ اصبحت هذه الشهادات دلالة على مصداقية الجودة، فهل هذه الاعتمادات ترف ام ضرورة؟ وهل هي غاية ام وسيلة؟

A A
العالم اليوم في سباق محموم للحصول على شهادات الجودة والاعتماد الدولية في جميع المجالات التعليمية والصحية والتجارية... اذ اصبحت هذه الشهادات دلالة على مصداقية الجودة، فهل هذه الاعتمادات ترف ام ضرورة؟ وهل هي غاية ام وسيلة؟ فإذا كان الهدف هو الحصول عليها بشتى الطرق حتى وان كانت غير صادقة وغير آمنة وغير مستمرة، وانما يتحقق بها التفاخر والتباهي كانت مجرد غاية اذا وصل اليها الانسان وبلغها تنفس الصعداء، واصبح همه هو التغني بحيازتها، ثم يركن بعد ذلك الى الكسل والتقاعس ولا يهمه استمرارية الجودة وارضاء العميل، ومن هنا تصبح ترفاً اجتماعياً او اقتصادياً او تعليمياً.. أما ان اجتهدنا بكل صدق وامانة وحماس في وضع الاستراتيجيات والخطط المدروسة بدقة التي تحقق نتائج آنية ومستقبلية مستدامة، فان تلك الشهادات تكون غاية توصلنا الى التطوير والاجادة المستمرة، ومن ثم تصبح تلك الاعتمادات ضرورة نهضوية، وهذا ما يجب ان نصبو اليه ولن يتحقق ذلك الا بالصدق والامانة ثم الطموح، وهذه الخصال من الضرورة ان تكون مركوزة في الطباع، نابعة من المعتقد، قبل الرضوخ لشروط الاعتماد، وبمعنى آخر ان التجديد والتجويد والتطوير في العمل ينبغي ان يكون من منطلق ذاتي صادق ينبع من دواخلنا، اما جعل تلك الاعتمادات هي المطمح دون النظر الى الكيفية والديمومة، فإن السمة البارزة ستكون جرياً لاهثاً غير واع، مع اهمال البنية التحتية لأي مشروع، والعناية بالرتوش والزخارف المبهرة التي ستغري الناظر اليها، وربما لجأ بعضهم الى المادة، واغرى بعض المؤسسات المانحة ذات الضمير الميت، فتمنح تلك الشهادات مقابل المادة، وهذا ربما هو الحاصل في كثير من اعتمادات الجودة التجارية. ولعل تلك المؤسسات والشركات قد قدمت فعلياً اجود ما لديها للجهات المانحة للاعتماد، واطلعتهم على ارفع الطرق والمستويات، حتى اذا ما ادارت تلك الجهات ظهورها، وركبت اول سلم للمغادرة، اسرعت تلك الشركات في غشها التجاري بكل ثقة، واعطاء العميل اقل المواصفات بأعلى الاسعار، والا كيف نفسر وجود شهادات اعتماد الجودة التي امتلأت بها صدور المكاتب والملفات والمنشورات.. والواقع الفعلي لتلك الشركات يحلف يميناً بتدني الخدمة وتدني المنتج؟!ثم كيف نفسر وجود مستشفيات كبرى حازت على شتى شهادات الجودة العالمية، وتقع فيها اخطاء طبية متكررة، لا تقع حتى في مستوصفات القرى النائية التي يصعب وصول الخدمة اليها؟! اما الاحتجاج بمتابعة ضمان الجودة من قبل الجهات المانحة، فإنه حيلة تجارية اخرى، فقد صدرت الدعايات والمنشورات بكميات هائلة ودارت العالم، وخاصة ما يسمونه بدول العالم الثالث المتخلف، فمن سيوقفها؟ اكتب مقالي هذا وبين يدي ملف ضخم انيق عن احدى الشركات الكبرى التي تعاملت معها في مجال (الابواب والنوافذ)، وقد اغراني ذلك الملف الانيق المليء بشهادات ضمان الجودة المعتمدة عالمياً، وما يحويه من دراسة توضح تفوق هذا المنتج على اقرانه (الخشب، الالومنيوم، الحديد، الفيبر جلاس....) وتميزه بمواصفات عالمية، وبما اني اميل الى تصديق الدراسات العلمية لاعتقادي بأنها يجب ان تتحلى بالمصداقية فقد آمنت بكل ما يحويه الملف واطمأننت اليه اطمئناناً خادعا، ولكن بعد التعامل مع ذلك المنتج ولوقت قصير، وجدت ان كل ما كتب هو مجرد هراء.. وانني قد وقعت في مصيدة الخداع باسم الجودة، وان تلك الشركات تعلم يقيناً بأنه لا توجد جهات رقابية جادة تمتلك الصدق والحزم في تعاملها مع المخادعين، ولا مستهلك متفائل واسع الصدر يمتلك الحماس وبرودة الاعصاب للتوجه لتلك الجهات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store