Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تعالوا إلى كلمة سواء

في خطبة الجمعة الماضية وجه خطيب أحد المساجد وبضمير الغائب الكثير من الانتقادات الحادة إلى بعض الصحف والكتّاب ، وتحديدا حول ما أثير مؤخرا حول مسألة صلاة الجماعة في المسجد، كذلك الانتقادات العنيفة المستمرة ضد إعلاميين ممن يتهمهم هؤلاء الدعاة بالتحريض على الاختلاط وغير ذلك،ووصفهم بالعلمانيين والليبراليين ويخصونهم بنصيب وافر من

A A
في خطبة الجمعة الماضية وجه خطيب أحد المساجد وبضمير الغائب الكثير من الانتقادات الحادة إلى بعض الصحف والكتّاب ، وتحديدا حول ما أثير مؤخرا حول مسألة صلاة الجماعة في المسجد، كذلك الانتقادات العنيفة المستمرة ضد إعلاميين ممن يتهمهم هؤلاء الدعاة بالتحريض على الاختلاط وغير ذلك،ووصفهم بالعلمانيين والليبراليين ويخصونهم بنصيب وافر من الدعاء عليهم.في المقابل وبضمير الغائب أيضا هناك من يردد مصطلح ( تيار ديني) ويتهم بعض الدعاة بالتشدد في خطبهم ومحاضراتهم لأنهم لا يظهرون وسطية وتيسيرا، ولا يركزون على الأولويات ويحرصون على تعميم المصطلحات، مثل الذين يحرمون الاختلاط بالمطلق دون توضيح شرعي دقيق لمفهومه وضروراته وما المحرم فيه وما الجائز منه وحدوده وضوابطه،إلى غير ذلك مما نحتاجه بشدة في حاضرنا.من هنا يبدو المشهد أقرب للانقسام وكأننا مجتمع لا يعرف أصول الحوار ولا حدود الاختلاف،وبالكاد نخرج من مسألة لندخل في أخرى،وهذا هو الخطر الذي يجب أن نتنبه إليه حيث يتصاعد الخلاف والانقسام في دائرة أوسع داخل المجتمع كالذي يحدث على الشبكة العنكبوتية، وإن كان 99% منها بطبيعة الحال هي مجرد انطباعات ذهنية بين مؤيد لهذا بالطلق ورافض لذاك على طول الخط!.نقطة أخرى هي أننا وإلى وقت قريب كنا نتفق أو نختلف حول أسلوب بعض الدعاة وطبيعة تفكيرهم أو حول أسلوب بعض رجال الهيئة وليس في صميم دورهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الخلاف مطلوب لتصحيح أية أخطاء ،لكن اليوم أصبح الخلاف يقترب من الأسس والثوابت ومن شأن استجابة المجتمع لخلاف كهذا يزيد دوائر الشقة والخلاف حتى وإن كان رأيا فرديا لهذا أو اجتهادا من ذاك. فلمصلحة من الخوض في أمور كهذه عندما يلتقط البعض خيطها وإثارتها لافتعال معارك كلامية وتوسيع دوائرها في المجتمع..فما نعرفه أن اختلاف العلماء رحمة بالتيسير على الناس وقد ساد هذا طويلا ونشأنا عليه لأجيال وأجيال عندما كان يؤخذ بالمذاهب الأربعة فكانت مساحة التيسير فيما بينها محببة دون نقض نص أو المساس بثوابت ولم نسمع اتهامات ولم نشهد غلوا،لكن اليوم أصبحنا نسمع تصنيفات (تيار ديني- و تيار علماني) وللأسف هناك من يصر على تلك المسميات لتعميق الانقسام وتبرير الاستقطاب ، لكنها أصبحت مصطلحات تردد في الفضائيات وعلى لسان بعض أبناء جلدتنا أو غيرهم ممن يحلو لهم الخوض في شؤوننا.فعدد الفضائيات بالمئات وأهدافها تتوزع في كل الاتجاهات وبكل المشارب ومنها ما يبث برامج دينية ترسل فتاوى في كل شيء والناس تتابعها، ومن ثم تحدث البلبلة لدى كثيرين لاختلاف الفتاوى،وكذلك برامج تستغل الحوار أو الخلاف في الرأي حول قضايانا التي تعنينا،ليقدموا صورة لمجتمعنا على أن المرأة هي كل ما يشغلنا وبأننا لانرى في ركابها إلا المفاسد حتى وإن كان نقاشنا يستهدف تبصير المجتمع بضوابط تنظيم دور المرأة المطلوب في التنمية. هناك من القضايا والجوانب الحياتية ما تحتاج إلى الرأي والنقاش بما فيها التحديات الخطيرة التي تتعرض لها القيم والأخلاق في مجتمعنا وكل المجتمعات المسلمة،وما عليها من مسؤوليات جادة بما في ذلك دور المرأة للإسهام الحقيقي في التنمية ومسيرة الحضارة الإنسانية. لذا يتطلع المجتمع إلى رأي أهل العلم ودون مبالغة من بعضهم في قاعدة سد الذرائع وتغليب التحريم. أخلص من ذلك إلى: أننا بحاجة إلى منطلقات مشتركة للحوار ، ولا ننسى أن المملكة هي بلد الحرمين الشريفين ولا يجب أن نغفل ذلك وموجبات الحفاظ عليه ، في الوقت الذي تحقق فيه بلادنا تنمية نوعية شاملة وسريعة دون المساس بنهجها. ثانيا إذا كان الخلاف في أمر جائز شرعا،فعلى الدعاة أن يعينوا عليه وييسروه دون تشدد حتى لا يبتعد الناس عنهم في تفريط أو مجاراة في غلو خاصة الشباب، وإذا كان الأمر يتعلق بأمور لا تجوز شرعا فلنتقِ الله فيما نقول ونكتب.ثالثا أعتقد أن التشكيك في إخلاص بعضنا لا محل له في أي خلاف حول قضايا شرعية أو حياتية ويستدعي الحوار الهادف المباشر أو غير المباشر على كلمة سواء بين أهل العلم وأصحاب الرأي.. فهل من وقفة تقرب وتؤكد المنطلقات الواحدة .. وهل من خارطة لحدود ذلك.. هذا ما نرجوه، والله نسأل الهداية والسداد في القول والعمل.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store