Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لو كانت “البطالة” رجلاً لقتلته

«لو كان الفقر رجلاً لقتلته» مقولة لسيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه ، قالها بعد أن أوقف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه عقوبة السارق في عام المجاعة ، ونحنُ في عصرنا الحاضر نقول «لو كانت البطالة رجلاً لقتلناه»، فما أبشع الفقر والبطالة على الأمم والمجتمعات الإنسانية بعد ان أصبحت البطالة أكثر إيلاماً للعقل والضمير للمج

A A
«لو كان الفقر رجلاً لقتلته» مقولة لسيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه ، قالها بعد أن أوقف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه عقوبة السارق في عام المجاعة ، ونحنُ في عصرنا الحاضر نقول «لو كانت البطالة رجلاً لقتلناه»، فما أبشع الفقر والبطالة على الأمم والمجتمعات الإنسانية بعد ان أصبحت البطالة أكثر إيلاماً للعقل والضمير للمجتمعات الغنية في الخليج بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة ، وتأثير البطالة على الأخلاق والسلوك أصبح أكثر من الفقر ، بل أصبح دافعاً للجرائم والإدمان على المخدرات . وفي مقالي سوف استعرض الحل الأول وهو : نتمنى إن نرى (قراراً) من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بسعودة (مهنة) البائع في كافة المجالات اعتباراً من يناير 2012م لتبدأ في منطقة مكة المكرمة والرياض والشرقية وبشكل نهائي، ثم يمتد القرار تدريجياً إلى باقي مناطق السعودية إلى نهاية عام 2015م ، وهذا القرار إن حصل سوف يقضي على البطالة والتستر في تجارة المواد الاستهلاكية ، كذلك المطالبة بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (120) لزيادة فرص العمل للنساء وتأنيث وظائف محلات البيع للملابس النسائية الذي بقي أسير الأدراج بسبب معارضة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهنا لابد من الإشارة بأن نظام (الإقامة) يفرض واجبات وقيودا على الوافد ، مما يجعل توظيفه مغريا أكثر من توظيف السعودي إذا تساوت الكفاءة والراتب عند التوظيف ، ولولا ذلك لما رأينا قوة الطلب على الاستقدام، ومع ذلك فان القرار المطلوب قابل للتطبيق وليس معجزة حيث لدينا أكثر من 170 ألف بائع وبائعة غير سعوديين حسب إحصائية وزارة العمل لعام 1430هـ ، وفي نفس الوقت يمكن توفير 100 ألف فرصة عمل لمواطنين رجالاً ونساء لمن يحملون الثانوية أو اقل ، وعلى وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية دراسة هذا المقترح وتوضيح أهمية هذا (القرار) ومدى الفائدة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن ، وهذا القرار سوف يجعل الثروات تتراكم داخل الوطن ويؤسس خبرات تجارية هائلة لدى شبابنا مع الوقت وعبر تجارب البيع والشراء ، ويمكن دراسة تحديد دوام المتاجر بتسع ساعات بدلا من ثماني ساعات للأعمال الإدارية بما يحقق للبائع السعودي تنفيذ الواجبات الاجتماعية ، وقد يحصل بعض الارتباك في مبيعات القطاع الخاص في السنة الأولى إذا طبق هذا القرار ، ولكن هذا الارتباك ارحم اجتماعياً واقتصادياً من شرور البطالة ومن النزيف الاقتصادي، وسوف يزول مع الزمن مثل ما حصل في سعودة وظائف المعقبين وسعودة وظائف البنوك . في العمل المهني بصفة عامة قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم «هذه يد يحبها الله ورسوله» حين صافح رجلاً فوجد يده خشنة من أثر العمل اليدوي ، فأين أبناؤنا من العمل المهني ، أنا شخصياً تأقلمت مع ابني (يوسف) الذي تعثر لفترة في دراسته بمرحلة الثانوية ، ووجدت له ميلاً نحو العمل المهني ، واتفقنا سويا على إن يجتهد بقدر استطاعته حتى يجتاز مرحلة الثانوية ، ثم يلتحق بالتدريب المهني في الميكانيكا أو الكهرباء وعندي الاستعداد بان أطور حبة للعمل المهني بدورات مكثفة إلى إن يكون قيمة مضافة في عمله ، ولا يهمني المفاهيم الاجتماعية المغلوطة في العمل اليدوي والتي يحترمها الإسلام الحنيف وعملاً بقول رسولنا الكريم «من بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له» . لقد بات من الضروري تدخل الدولة لَضبط نتائج العولمة الاقتصادية مع التوازن الاجتماعي الداخلي ، وذلك بفرض ضرائب على البنوك وشركات المساهمة العامة والمغلقة لتعود إلى خزينة وزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني وهيئة التنمية البشرية حتى لا يعيش الأقلية في حياة مترفة على حساب عجز الأغلبية في الوصول إلى الحد الأدنى من العيش الكريم. ختاماً (البطالة) طبقا لمنظمة العمل الدولية ، وصف ينطبق على العاطل القادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبل بمستوى الأجر السائد لمستواه العلمي أو المهني ولكن لا يجده ، لذلك فان الحل الثاني ما قدمه الكاتب الاقتصادي عبدالحميد العمري في مقال بجريدة الجزيرة وهو اقتراح للمجلس الاقتصادي الاعلى بأن يتبنى إستراتيجية تستهدف دعم ورعاية وتهيئة وتنظيم المشاريع الناشئة، بدءاً من التمويل مروراً بالهيكلة والإدارة والتطوير وانتهاءً بوقوفها على أرض الواقع، لتوفير فرص عمل كريمة للشباب والشابات العاطلين عن العمل. وتبنّي ما يُمكن تسميته بـ (بورصة المشاريع الناشئة) «بعد أن وضح إحجام البنوك ومؤسسات التمويل عن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة منذ أكثر من عقدين ونصف مضيا من عمر الاقتصاد السعودي وقال: إن القطاع الخاص لم يستطع استيعاب مخرجات معاهد التدريب والتعليم العام والعالي مع انه استوعب أكثر من 7.5 ملايين عامل من خارج الحدود، أغلبيتهم لا تصل مؤهلاته إلى نصف مؤهلات شبابنا وبناتنا، بل إن شريحة كبيرة من تلك العمالة تفتقر إلى أدنى الشهادات»، فهل يتفاعل مجلس الغرف السعودية مع هذا الاقتراح ويتبني دراسته مع الكاتب ورفعه متضامنين إلى المجلس الاعلى أم أنه سوف يتضامن مع القطاع الخاص ضد محاربة البطالة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store