Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التوعية بالحرب البيولوجية (1)

ربما لم يوافق بعضهم، على ما ورد في مقالي السابق، الذي يتحدث عن احتمال كون انتشار كورونا من قبيل الحرب البيولوجية، خاصة أولئك الذين يَحْسَبون كل عدوٍ صديقًا، إمَّا جهلاً، أو غفلةً، أو افتنانًا.

A A
ربما لم يوافق بعضهم، على ما ورد في مقالي السابق، الذي يتحدث عن احتمال كون انتشار كورونا من قبيل الحرب البيولوجية، خاصة أولئك الذين يَحْسَبون كل عدوٍ صديقًا، إمَّا جهلاً، أو غفلةً، أو افتنانًا.
لماذا نستبعد كونه هجومًا باردًا من عدوٍ متخفٍ في الداخل أو الخارج، فالحرب الجرثومية أو البيولوجية هي: "الاستخدام المتعمَّد للجراثيم والفيروسات، أو غيرها من الكائنات الحيَّة وسمومها، التي تؤدِّي إلى نشر الأوبئة بين البشر والحيوانات والنباتات". وهو أسلوب مُستخدم منذ القدم، فكان المحاربون في القديم يلجأون إلى تسميم المياه وتسميم المأكولات، وإلقاء الجُثث التي تحمل الأوبئة داخل معسكرات أعدائهم لنشر الأمراض والذُّعر بين صفوفهم.
فـ "نابليون" في كل حُروبه كان يُلقي الحيوانات النَّافقة من الطاعون والجمرة الخبيثة في مياه الشُّرب، ليسهل عليه القضاء على أعدائه.
حتى في العصر الحديث استَخْدَمت الدُّول التي ترفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان هذا الأسلوب، ففي الحرب العالمية الأولى وضعت بريطانيا بكتيريا الكوليرا في مياه الشرب بإيطاليا، لتحالفها مع ألمانيا، بينما كانت ألمانيا ترمي القنابل البيولوجية المحمَّلة بالطاعون على لندن. حتى مصر لم تَسلم من الغدر الصهيوني الذي وضع وباء الكوليرا في مياه النيل، ومثل هذه العملية قام بها الموساد عام 1967م، وأطلق على هذا الوباء وقتها بأمراض الصيف.
ولم تتورع اليابان عن خوض مثل هذه الحرب القذرة في حربها ضد منشوريا والصين عام 1931م، حيث كانت تُلقي بالبراغيث الحاملة للطاعون والكوليرا من الطائرات، ومعها حبوب القمح التي تُقبل عليها الفئران ضمانًا للانتشار السريع للأمراض، ما أدَّى بحياة الآلاف من البشر، حتى أصبحت اليابان رائدة في هذه الحروب، ما جعل أمريكا والاتحاد السوفيتي، يستعينان بالخبرة اليابانية في الحرب البيولوجية.
وتُعد الحرب البيولوجية أشد خطرًا وفتكًا من السلاح النووي، لسرعتها التدميرية، وخفائها على العدو، إلى جانب سهولة امتلاكها وتصنيعها، وتطويرها حتى على النطاق المحلي، وهذا ما صرَّح به السكرتير العام السابق للأمم المتحدة، حيث ذَكَر في مقدمة كتابه (الأسلحة الكيماوية والبيولوجية) الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 1962م: "كل الدُّول تقريبًا بما فيها الدول النَّامية والبلدان الصغيرة بإمكانها الحصول على الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، نظرًا لسهولة تحضير بعضها بمصاريف زهيدة، وسرعة فائقة في مختبراتنا، ومعامل بسيطة. وهذه الحقيقة تجعل مسألة السيطرة على هذه الأسلحة ومراقبتها شديد الصعوبة".
وممَّا يُفاقم خطرها هو إمكانية استخدامها من قِبَل أفراد أو طوائف متطرفة، ففي عام 1984م قام رجلٌ متطرف من الهنود الحُمر بوضع بكتيريا (السالمونيلا) في سلطات بعض مطاعم أمريكا بدلاس وأورجون، ما تسبَّب في إصابة حوالي 750 شخصًا بالتَّسمم الغذائي، دَخَل 60 منهم إلى المستشفيات. كذلك في عام 1995م قامت جماعة دينية في اليابان بنشر الطاعون والكوليرا والإيبولا من رشاشات وسط سيارات أخذت تجوب شوارع طوكيو، كذلك ألقت جماعة (أوم شنريكيو) غاز الأعصاب (سارين) في نفق طوكيو، قُتِل من جراء ذلك 62 شخصًا، وأصيب 5000 آخرون بإصابات أُدخلوا على إثرها المستشفيات للعلاج. وللحديث بقية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store