Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الطالب الجامعي.. حين يروي قصته

مفاجأة..

A A
مفاجأة.. قد لا تكون سارّة للكثير منّا، لو قُدّر للطالب الجامعي أن يروي قصة مسيرته الجامعية منذ اليوم الأول له في الجامعة إلى يوم تخرجه، قد يجامل الطالب السامعين له من أساتذة وزملاء دراسة وقيادات جامعته وهو يرويها، لكن لو أعطيناه الأمان وطلبنا منه أن يتحدّث بحرية، لما أحببنا كثيرا مما نسمع، ولتضايقنا وأُحرجنا جميعا بلا استثناء.. صدّقوني لن أتحدّث بالنيابة عنهم، وأحرج نفسي وإياكم.. لكن لعل الرسالة وصلت (ولنكمل حديثنا)!
دعونا نستعرض كيف تنظر جامعات الدول النامية للمرحلة الجامعية، وما الذي يُمارس فيها، وفي الجانب الآخر كيف ينظر إليها أكاديميو الدول المتقدمة، الكثير من الأكاديميين من حولنا، يرونها مرحلة دراسية محورها التلقين والمناهج المحددة المقولبة التي لا يمكن الخروج من محدداتها. كما وأنها مرحلة اكتساب للمعارف والمهارات فقط، والتي تنتهي بالطالب إلى سوق العمل. بل هي في نظرهم امتداد وتطور لمرحلة تعلُّم سبقتها، وغالبا ما يتوقف التعلم عند درجة من الدرجات الأكاديمية ما بين البكالوريوس وما بعدها حتى الدكتوراه.. هذا كلّه مطلب.. لكن يبقى السؤال: هل يكتفي الطالب الجامعي طيلة سنوات الدراسة بما نُخطّطه له ونقدمه من مناهج دراسية وحسب؟ أم أن هناك الكثير من التغيرات والتحديات والتأثر سلبا وإيجابا بمن حوله وما حوله من أناس وأحداث تساعد في تشكيل مستقبله بعد التخرج؟.
في كتاب نشره كل من فيلدمان K. Feldman ونيوكومب T. Newcomb عام 1969م بعنوان «تأثير الكلية الجامعية على الطالب» - The Impact of College on Students»»، أكد المؤلفان على أن التغيرات الأخلاقية ومعرفة الذات، وتطور الشخصية، والتفضيلات الجمالية أكثر أهمية وأطول بقاءً من المفردات الدراسية والمهارات المكتسبة لدى الطالب الجامعي. يؤكد ذلك كل من روكسا Roksa وآروم Arum في كتابهما القيم: «أكاديميا تائهة Academically Adrift «، حيث وجدا أن 45% من الطلبة وبعد مضي ثلاثة فصول دراسية، لم يستفيدوا من تحصيلهم في المواد الدراسية حسب ما هو متوقع.
أما أليكساندر أستن A Astin فيؤكد في كتابه: (ما الذي يهم في الكلية الجامعية What Matters in College) على أن العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجموعات الطلابية هي الأكثر تأثيرا على تشكيل نمو الطالب خلال وبعد الحياة الجامعية، ومن خلال تلك العلاقات يستطيع الطالب أن يُنمّي نظرته الإيجابية نحو نفسه وقدراته الذهنية وتفاعله الاجتماعي والمساهمة في حل مشاكل المجتمع، بل ويُكوّن فلسفة ذات معنى للحياة. أي أنه يتحول إلى شخصية مختلفة وناضجة خلال تلك الفترة. لذلك يلخص الاقتصادي هوارد بوينHoward Bowen نظرته للتعليم العالي قائلًا: (إن تأثير التعليم العالي في المجتمع يمكن تقريره ورؤيته من خلال ما سيكون عليه حال الخريجين بعد تخرجهم أكثر من مقدار ما حصلوه من علوم خلال دراستهم).
أعود مجددًا لعنوان مقالي: (الطالب الجامعي.. حين يروي قصته) فلقد حدث هذا في الواقع في كلية White Earth College، فقد قال تشاد هانسن Chad Hanson إنه وخلال زيارته كمفتش للجودة في تلك الكلية، فوجئ أن من ضمن مراسم التخرج في الجامعة وكمتطلب إلزامي من كل الطلبة الخريجين، تقديم كل طالب في الجامعة عرضا عن قصة حياته الجامعية، وما استفاده، ورؤيته للتغيير ومقترحاته لذلك. وأُعجب جدا بذلك وتمنى أن يُكرّر في أماكن أخرى لإيجابيته على الطالب ومن حوله والمجتمع.
وبعد: قد نتردد كثيرا في الاستماع لقصص الطلبة عن مسيرتهم الجامعية وقد يحوي بعضا منها نقدا لاذعا، ولكنني أجزم أنها ستضيف الكثير للطلبة وللأساتذة ولصناع القرار في الجامعات، لو تم الاستماع لها بإيجابية وتجرد من الحساسية الزائدة تجاه النقد، خاصة حين يأتي من الطالب الذي يعتبره الكثيرون قليل التجربة.. كما وأجزم أنه حين نتحول من التلقين والبرامج الدراسية المحددة والمقولبة إلى فضاءات تكوين الشخصية للطالب الجامعي واعتبار أن الجامعة مكان مناسب للتغيير والتأثير الثقافي والاجتماعي فيهم ولهم.. حينذاك سنستمتع بقصص طلابية مليئة بالإيجابية والمشاركة والطموح.. وإلى أن يحدث ذلك فإنني أدعو الطلبة أن يكتبوا قصصهم الجامعية لعلها تنشر في يوم ما.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store