استقالة المسؤول.. تقليد غربي أم ثقافة أممية؟

تحدثت في هذه الزاوية الثلاثاء الماضي 2/6/1435هـ، عن استقالة وزيرة الثقافة البريطانية ماريا ميللر Miller بسبب تهمة فساد في المصروفات الخاصة بها كوزيرة، وذكرت أمثلة عدة من تاريخ الاستقالات في بلد كبريطانيا، ولعله من أكثر الدوافع التي تحمل أعضاء الحزب للضَّغط على المسؤول لتقديم استقالته هو لجوء ذلك المسؤول للكذب عند استجوابه في البرلمان أو أمام لجنة يتمُّ تشكيلُها لتقصِّي الحقائق، وأتذكَّر في هذا السياق استقالة وزير التجارة في حكومة مارغريت تاتشر، ليون بريتين Brittan، فلقد سُئل عن رسالة سريَّة تسلّمها تدفع على حمل وزارته لتقديم عرض أمريكي على سواه لشراء شركة بريطانية لصناعة الطائرات، فنفى استلام الرسالة، والغريب جدًا أن ما يُسمى لجنة 1922م المشكّلة ضمن إطار حزب المحافظين هي التي حملته على الاستقالة بعد بروز موقفه الضعيف أوغير المتماسك أمام أسئلة زملائه في الحزب.
ومن أشهر الاستقالات في حقبة توني بلير استقالة وزير الداخلية ديفيد بلانكيت Blankett، بتهمة قيامه بتسريع طلب تأشيرة فيزا مربية لشريكته السابقة، وصرح بلانكيت عندئذ أنه قدم استقالته من منصبه حتى لا يتسبب في إحراج رئيس الوزراء المحسوب على جناحه في الحزب.
ولعلي أستشهد هنا أيضا بما كتبه الزميل زياد الدريس في صحيفة الحياة 30 أبريل 2014م حيث ذكر بأنه ليس هناك بلد في العالم لا يوجد فيه فساد لكن الفارق بين العالم العربي والعوالم الأخرى أن هذه الأخيرة إذا ثبت فيها تهمة الفساد على مسؤول فإنه يُنحّى من منصبه هذا إذا لم يبادر هو بالتنحِّي خجلًا من فعلته.
وأستطيع القول بأن معظم استقالات الوزراء أو المسؤولين في الغرب تأتي طواعية لشفافية النظام البرلماني كما أن الصحافة تلعب في كثير من الأحيان دورًا هامًا لصالح النزاهة والشفافية، وعالمنا العربي قادر على الاستفادة من تجربة الأمم التي سبقته، فالحكمة ضالة المؤمن يأخذ بها أنَّى وجدها، وديننا الإسلامي الحنيف يحرم الكذب ويحض على الصدق، فما أحوجنا لتدبر هذا المقصد الشرعي والأخذ به حتى تسود ثقافة النزاهة والإخلاص وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الذاتية أوالضيقة.