Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الاستشراق.. نعمة أم نقمة ؟

ناقش ملتقى حائل الثقافي الموسوم بملتقى حاتم الطائي، خلال أعمال دورته الحالية موضوع "حائل في عيون الرحالة"، واستكتبت اللجنة العلمية لأجل ذلك العديد من الباحثين المتميزين علماً ومنهجاً، كما استضاف نادي

A A
ناقش ملتقى حائل الثقافي الموسوم بملتقى حاتم الطائي، خلال أعمال دورته الحالية موضوع "حائل في عيون الرحالة"، واستكتبت اللجنة العلمية لأجل ذلك العديد من الباحثين المتميزين علماً ومنهجاً، كما استضاف نادي حائل الثقافي كوكبة من الباحثين البارزين، وعدداً من المثقفين المهتمين، الذين أثروا اللقاء العلمي بمداخلاتهم الثرّة، وأسئلتهم المعمقة، لتكتنز مختلف الجلسات بالكثير من المعلومات والآراء القيمة حول منطقة حائل خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلادي، وهي فترة اكتظاظ المدينة والمنطقة بالعديد من الرحالة الأوروبيين بوجه خاص.
على أن الملتقى قد تميز بتسليطه الضوء على ما ورد في كتابات عدد من الرحالة الفرس، الذين مروا بالمدينة في طريق رحلتهم إلى الحج، وفي تصوري فإن هذا المنحى البحثي يكاد يكون منسياً في سياقنا المعرفي لأسباب متنوعة، ولذلك فيُعد عرض بعض الأوراق المتخصصة حول تلك الرحلات خصيصة تميز بها الملتقى ومنظموه بوجه عام، وإن كانت ندوة أبحاث الحج الكبرى على عهد الوزير السابق معالي السيد إياد مدني قد سلطت الضوء وصفا وتحليلاً في دورة من دوراتها على رحلات الحج الفارسية إلى الأراضي المقدسة.
وواقع الحال فيمكن إدراك الفارق بين أهداف كتابات الرحالة الأوروبيين والرحالة المسلمين سواء من فارس أو غيرها، الذين اقتصر تدوينهم على الوصف الظاهري للمكان، مع الإشارة إلى بعض الشخصيات الوجاهية المهمة، وذكر بعض الظواهر الاجتماعية والدينية والسياسية العابرة، بحسب ما يسمح الوقت لهم بالبقاء في المدينة، لكونهم عابري سبيل لبلوغ هدفهم الأسمى وهي الأراضي المقدسة.
في حين اهتم الرحالة الأوروبيون بوصف مختلف الظواهر الاجتماعية والاقتصادية بدقة كبيرة، وتحليل طبيعة الحياة السياسية والدينية بشكل دقيق، ورصد عديد من العادات والتقاليد والمناسبات الاجتماعية والدينية بصورة تفصيلية، إذ أن هدفهم العلمي والاستخباراتي لدى بعضهم يقتضي ذلك، والسؤال: هل كان تواجد أولئك بيننا نعمة أم نقمة؟
في يقيني أننا اليوم كدارسين عالة على ما كتبه أولئك الرحالة، وما دونوه من ملاحظات اجتماعية واقتصادية وسياسية مهمة، بل إن عديداً منهم قد قدم لنا معلومات فريدة حول مختلف الأوضاع الحياتية في عديد من مدن شبه الجزيرة العربية بوجه عام، والأراضي المقدسة بوجه خاص.
وفي هذا فلا غرابة إن قلت إننا لا نزال مدينين بالفضل للرحالة الهولندي "سنوك هورخرونيه" الذي دون لنا كنوزاً معرفية حول طبيعة الحياة العلمية والاجتماعية والدينية بمكة المكرمة خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر.
ولعمري فالفضل يمتد لكثير من المستشرقين الذين قدموا للباحثين العرب بكتاباتهم خدمة جليلة، ويبقى الدور علينا لتحليلها والاستفادة منها علمياً، وذلك هو المهم والأهم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store