Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

طلبتُنا.. بين التعليم العام والجامعي

لا يختلف اثنان أن العملية التعليمية، ابتداءً من اليوم الأول للتلميذ في السنة الأولى الابتدائية وانتهاءً بالمرحلة الجامعية، عملية متصلة وتكاملية، على الأقل من الناحية النظرية.

A A
لا يختلف اثنان أن العملية التعليمية، ابتداءً من اليوم الأول للتلميذ في السنة الأولى الابتدائية وانتهاءً بالمرحلة الجامعية، عملية متصلة وتكاملية، على الأقل من الناحية النظرية. إلا أننا وعلى أرض الواقع نُقسِّم مراحل تعليم الطالب ونجزئه إلى مرحلتين رئيسيتين، هما التعليم العام (ما قبل الجامعي) والتعليم الجامعي. بل إننا قد نبالغ في تقسيمه داخل التعليم العام إلى مراحل ثلاثة: (الابتدائية والمتوسطة والثانوية)، وفي رأيي هناك ملاحظات ومحاذير لهذا الأمر يمكن تلخيصها فيما يلي:
• الطالب عبارة عن تكوين متكامل جسديا وعقليا ونفسيا وعاطفيا لا يتجزأ، ينمو كل ذلك ويتكامل بعيدا عن كل المؤثرات الخارجية ما لم تفرض عليه تلك المؤثرات فرضا.
• يفقد البيت التأثير كليا من لحظة مغادرة الطالب إلى المدرسة / الجامعة صباحا، إلى أن يعود آخر النهار مرهقا لا يبحث إلا عن ساعات راحة قبيل معاودة نشاطه (المدرسي) لحل واجباته الدراسية.
• واضعو السياسات التعليمية يُخطِّطون لكل مرحلة بشكلٍ منفصل لا علاقة لها بالمراحل التالية أو السابقة لها.
• التخطيط للمراحل التعليمية يستوعب داخله كل المواد التي ستدرس في كل المرحلة (العلوم الإنسانية والرياضيات والعلوم والمواد الاجتماعية.. الخ).
لذلك فإن الطالب، الذي هو محور العملية التعليمية، يتنفس الصعداء حين ينهى مرحلة دراسية ويبدأ مرحلة دراسية جديدة بكل ما تحتويه من مواد ومقررات لا علاقة لها بما قبلها البتة!. بل إن كل تلك المراحل (ما قبل الجامعية) لا علاقة لها مطلقًا بالمرحلة الجامعية. لذلك قد تتكرر الكثير من المعارف والمعلومات، وتصبح مدعاة للتندر بين الطلبة في الكثير من الأحيان.
لقد أدرك الكثير من المختصين والمهتمين بالتعليم في عمومه، تلك القضايا / المشكلات ووضعوا لها العديد من الحلول والمقترحات. لكن لم تكن تلك الحلول تطورًا طبيعيًا للأشياء، بل كانت استجابة لمشكلات كبيرة واجهتها مؤسسات التعليم هناك.
ففي دراسة منشورة عام 2008م في مجلة THOUGHT & ACTION أجراها ليون بوتستين Leon Botstein بعنوان: (التعليم العالي والعام في أمريكا في القرن الواحد والعشرين) Higher Education and Public Schooling in Twenty- First Century America كتب بوضوح حول خطورة الاستمرار في النهج التعليمي القديم، الذي يتميز بالفصل الكلي بين المراحل الدراسية، الذي يصاحبه الفصل الكامل في التخطيط لكل مادة دراسية بصورة متصلة من بداية المرحلة الابتدائية وانتهاءً بالمواد الجامعية. بل إنه ذكر أن التخطيط للمرحلة الجامعية قد يركز فيه الأكاديميون على تطوير المهارات، ولا يمكن أن يكون ذلك ذا تأثير إلا إذا بدأ تطوير تلك المهارات مع بداية التعليم العام، ولم يقتصر التعليم فقط على التلقين وتزويد التلاميذ بالمعارف.
أما مايكل كيرست Michael W. Kirst في دراسته المنشورة في نفس المجلة، بعنوان: المدارس الثانوية والكليات الجامعية يجب أن تعمل سويا (Secondary Schools and Colleges Must Work Together)، فيؤكد على القضايا التالية:
• إن سبب تعثر الكثير من طلبة الجامعات هو وجود فجوة كبيرة في المعارف وأساليب التعليم بين التعليم الجامعي والدراسة في المرحلة الثانوية.
• لردم تلك الفجوة ينبغي أن لا يترك مخططو مراحل التعليم العام لوحدهم، يعانون في وضع الخطط التعليمية والتدريسية، بل يجب أن يُطلب من واضعي استراتيجيات التعليم الجامعي المساهمة الفعالة في التخطيط لمراحل التعليم العام، ومن الأمثلة لذلك (شراكة كاليفورنيا (California Partnership for Achieving Student Success.
• أهمية إنشاء بنك معلومات يرصد كل أنشطة التلميذ الدراسية وسواها لكل مادة دراسية على حده لينتقل ذلك الملف معه إلى المرحلة الجامعية.
• أهمية إعطاء أوزان ومعامل تأثير متفاوتة بين المواد من ناحية، والتفكير جديًا في أن يختار التلاميذ المواد التي يتفوقون فيها كتخصص مستقبلي.
وختامًا، فإن أبناءنا الطلبة سيبدعون ويتميزون أكثر، لو تعاملنا معهم من اليوم الدراسي الأول في المرحلة الابتدائية وإلى أن ينهوا دراستهم الجامعية، وخططنا وأحسنّا وضع الاستراتيجيات ليكون الانتقال سلسًا بين المراحل التعليمية، واجتهدنا في أن نتعامل مع الطالب ككيان واحد من الناحية العقلية والنفسية والجسدية.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store