Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الاعتراف

نقول : من تحلَّى بالفضائل ظفر , ومن تجلَّد لطلب العلا ناله , ومن اتَّصَف بالمكارم سما .

A A
نقول : من تحلَّى بالفضائل ظفر , ومن تجلَّد لطلب العلا ناله , ومن اتَّصَف بالمكارم سما . ولنعلم ونوقن أنه هناك بعض البشر لا يقرون بمعروف قُدِّم لهم ؛ فنقول لهؤلاء : إنَّكم قد أنكرتم المعروف , وأنتم تحبون المراوغة والتَّلاعب بالألفاظ ؛ ظنَّا منكم أنكم تتجنبون الأخطار أو تتفاضلون بها ؛ لأنَّكم راغبون في الكسب والتَّعالي فقط , وهذا قد يؤدي في النهاية إلى الخسارة , سواء كانت مادية أم معنويَّة , كما قال تعالى : (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) سورة محمد [14] .
إنَّ الفُطناء يعلمون يقيناً أنَّه قل أن تجد في وقت الشَّدائد من يتصف بالصدق والوفاء , أو مَن يفيدون إخوانهم بما يملكون في حياتهم ؛ تضحيةً وبذلاً ووفاءً لهم .. فإن وَجَدْتَ هؤلاء فاعلم أنَّهم هم الأحبَّاء , الذين إذا شعروا بأنَّك بحاجة إلى مساعدتهم بذلوا لك كلَّ غالٍ ونفيس .. هؤلاء هم الأوفياء , فاحرص على محبَّتهم وودِّهم ؛ لأنَّ هؤلاء هم الأصدقاء أصحاب الوفاء , ولا تشغل الفكر فيمَن ادَّعى أنَّه لك محبٌّ وقد تنكَّر للقيم السَّامية في وقت الشَّدائد , فالحكمة في تحمُّل الشِّدة , ( وإنَّ المرجلة قد خُلقت بقلوب الرجاجيل , ما هي في بنك التجارة تجارة , والحنظلة لو هي على شاطئ النيل زادت مرارتها القديمة مرارة ) , فلا تتأثَّر بمن يتنكَّرون لهذه المبادئ ؛ لأنهم لا يعرفون الحقائق ولا يقدِّرون قيمة الوفاء ... إنهم لا يريدون إلا مبتغاهم ؛ هؤلاء هم الانتهازيون ! فأين المدركون للحقائق والقيم ؟ وأين المتفكرون في وقت هذه الساعة بعقل واعٍ وقلبٍ صادق ؟ ألا تخبروننا كيف اتَّخذتم النُّكران وبنيتم قراراتكم في هذه الأوقات المشحونة ؟ أهي انفعالات واندفاعات , أم عصبيَّة فاسدة وتشنُّجات تمت في هذه الأوقات ؟تيقَّنوا أنكم ستندمون ولو بعدَ حين ؟ وبعدها قد تقولون : إنَّها كانت من لحظات الصدق والوفاء ؟ كلا , إنها مصالح ذاتية , ومآرب شخصية قد تغلَّبت على الأفكار فشوَّهتها , وعلى العقول فضلَّلتها ... أليس هذا ما كان في هذه الساعة ؟ أم هي لحظة الطَّمع وحبُّ الذات فعلاً ؟ صارحونا القول وبيَّنوا لنا تلك الساعة .. هل حدثت في يوم جليِّ , أو في ليلة ممطرة أو في فجر ؟ أم أنتم لم تناموا هذه الساعة ؟ لماذا التشنج مع عقارب الساعة ؟ أهي عقارب تدور ؟ أم هي ألفاظ تخرج بدون تفكير ؟ أم هي غلطة في التعبير ؟ أهي في الثالثة صباحاً ؟ أم الخامسة فجراً ؟ أم الواحدة ظهراً ؟ أم السابعة مساء ؟ هل تخبروننا كم كانت هذه الساعة ؟! ألم تكن لحظة وفاء من جانب واحد ؟ بلى إنها كانت من جانب واحد ... فاعلموها , إنها أفكار في رؤوس بها عقول نيِّرة , ولكنها قد تاهت في معسول الكلمات , إنها عقول سوف تصحو يوماً لتأخذ حقَّها ممن ضللها بمعسول الكلام , وانتهزها للوصول إلى غاياته , لماذا أنتم تائهون ثابتون مع دوران هذه الأيام , أو قد مشيتم حائرين في الصحاري والغابات ؟ أم قد مضيتم سائرين بين السهول والوديان ؟ أم خملتم في ظلال الشعاب ؟ هل أنتم تسعون خلف السراب ؟ أم أنتم سابحون في الأوهام , أم فقدتم الوفاء وأضللتم ضمائركم ؟ إننا نناشد الضمائر أين تاهت ؟ وهل تاه الوفاء ؟ ومن يبعد عن محبِّه سيلقى الصديق له عدواً ومن دون عناء ولا موعد , فأوفوا ولا تختلفوا إذا تبين الحق لكم , وابتعدوا عن الظنّ والشبهات تكونوا في زمرة الصالحين لا من المعتدين , اللهم إنا قد أطعناك في أحب الأشياء إليك تُطاع فيها , إيماناً بك , واعترافاً بذاتك , ولم نعصك فيما أمرتنا , ونحن الملتزمون بطاعتك بإذنك , تقدَّست أسماؤك , اللهم أبعد عن أنفسنا التكبُّر والجحود , واغفر لنا فيما بين ذلك , اللهم أقِلْ عثراتنا , واغفر زلَّاتنا , وكفِّر عنَّا سيئاتنا , فإن غفرت لنا فأنت الرَّحيم بنا , فلا تكلنا إلى غريب يتجهَّمُنا , ولا إلى عدوِّ لا يرحمنا , نعوذ بنور وجهك الذي أشرقَت به الظلمات , وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة , من أن نضلَّ أو نُضَلَّ , ونصلي ونسلم على رسول الأمة حبيبنا الطَّاهر الصَّادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ولنعلم أن :
كل من صدق نجا .... وكل من غَدَرَ غُدِرَ به ولو بعد حين ..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store